Skip to main content

الوسم: رئيسي

“حسني بي”: تطورات استهلاك المحروقات وسياسة الدعم في ليبيا خلال سنوات (2018-2024)

كتب: رجل الأعمال “حسني بي”

شهدت ليبيا خلال الفترة الممتدة من 2018 إلى 2024 ارتفاعاً كبيراً في كميات استهلاك المحروقات المكررة محلياً والمستوردة، كما عرفت الفترة ذاتها استنزافاً مالياً متواصلاً نتيجة سياسة الدعم الشامل، التي جعلت أسعار الوقود في ليبيا من الأدنى عالمياً، بما لا يتجاوز 3 سنتات أمريكية للتر.

وفي الوقت ذاته أكدت تقارير محلية ودولية وجود تحديات كبيرة تتعلق بالتهريب والسرقات والهدر وسوء الاستعمال، وهو ما انعكس بشكل مباشر على تضخم الاستهلاك وارتفاع التكلفة على خزينة الدولة.

أولاً: تطور الكميات بين 2018 و2024
ارتفع إجمالي كميات المحروقات في ليبيا من 9.33 مليون طن عام 2018 إلى 14.16 مليون طن عام 2024، بنسبة زيادة فاقت 51% خلال سبع سنوات.
كما بلغ مجموع كميات الفترة كاملة (2018–2024):
75.3 مليون طن، منها:
60.2 مليون طن مستورد
15.06 مليون طن إنتاج محلي

ثانياً: الكميات بين عامي 2022 و2024 – ارتفاع واضح
ارتفعت كميات المحروقات المتداولة كما يلي:
عام 2022: نحو 11.47 مليون طن
عام 2024: نحو 14.16 مليون طن
وبذلك تكون نسبة الارتفاع في الكميات بين 2022 و2024:
ارتفاع بنسبة تقارب 23.4%
(= (14.16 – 11.47) ÷ 11.47 × 100)
وهو ارتفاع كبير في ظرف سنتين فقط.

ثالثاً: لماذا انخفضت القيمة المالية بواقع 3 مليارات دولار رغم ارتفاع الكميات؟
قدّرت المؤسسة الوطنية للنفط القيمة المالية لاستهلاك المحروقات بما يلي:
عام 2022: نحو 17 مليار دولار
عام 2024: نحو 14 مليار دولار
ورغم ارتفاع الكميات بنسبة 23.4% بين 2022 و2024، فقد انخفضت القيمة المالية بنحو 3 مليارات دولار.
ويرجع ذلك بالدرجة الأولى إلى:
انخفاض أسعار النفط ومشتقاته عالمياً بما يقارب 35% خلال الفترة 2022–2024.
هذا الانخفاض الكبير في الأسعار الدولية هو العامل الرئيس في تراجع القيمة المالية، وليس انخفاض الاستهلاك—فالكميات في الحقيقة ارتفعت بشكل ملحوظ خلال الفترة نفسها.

رابعاً: تأثير السياسة السعرية للدعم
أسعار الوقود في ليبيا الأقل عالمياً تقريباً (أقل من 0.03 دولار للتر)، الأمر الذي أدى إلى:
استهلاك محلي مرتفع يفوق الاحتياج الفعلي
تهريب واسع النطاق عبر الحدود
سرقات وإعادة بيع في السوق السوداء
هدر وسوء استخدام
استفادة غير عادلة لغير المستحقين على حساب المالية العامة
وتشير تقارير دولية إلى أن جزءاً كبيراً من المحروقات المدعومة يخرج من دورة الاستهلاك الشرعي.

خامساً: تحديات ومخاطر الوضع الحالي:

  1. تضخم هائل في الاستهلاك لا يعكس الطلب الحقيقي.
  2. دعم يصل إلى غير المستحقين بنسبة كبيرة.
  3. خسائر مالية سنوية تتجاوز عشرات المليارات.
  4. عجز مستمر عن تطوير قدرات الإنتاج المحلي.
  5. هيمنة التهريب على جزء من حركة الوقود المدعوم.

سادساً: الحل الأمثل – سياسة الاستبدال النقدي للدعم
تؤكد البيانات والتحليلات الاقتصادية أن التحول إلى الدعم النقدي المباشر هو المسار الأكثر عدالة وكفاءة.

آلية مقترحة للتحول التدريجي:

  1. السنتان الأولى والثانية:
    صرف دعم نقدي لكل المواطنين بلا استثناء.
    تمكينهم من حرية تحديد أولويات الإنفاق.
    تثبيت الأسعار نسبياً لتفادي التضخم المفاجئ.
  2. ما بعد السنة الثالثة:
    تحديد الفئات المقتدرة وإيقاف الدعم النقدي عنها.
    وضع معايير دخل واضحة ومعتمدة حكومياً.
  3. بحلول السنة الخامسة:
    إنهاء الدعم الشامل نهائياً.
    تحويل الدعم إلى سلة حماية اجتماعية مستهدفة للمستحقين الفعليين فقط.

سابعاً: إيجابيات وسلبيات الاستبدال النقدي للدعم:

الإيجابيات:
القضاء على التهريب والسرقات إلى حد كبير
عدالة أكبر في الاستفادة
تخفيض العبء المالي على الدولة
تعزيز القوة الشرائية للمواطن
تحرير تدريجي للسوق وفق أسس اقتصادية
استدامة مالية وحوكمة أفضل للقطاع
السلبيات والتحديات
الحاجة إلى قاعدة بيانات دقيقة للدخول والفئات
ضرورة رقابة قوية وشفافة
احتمالية تضخم مؤقت خلال الفترة الانتقالية لا تتعدى 5%

الخلاصة

إن الانخفاض في قيمة استهلاك المحروقات بين عامي 2022 و2024 يعود أساساً إلى انخفاض أسعار النفط عالمياً بنسبة 35%، في وقت ارتفعت فيه الكميات المستهلكة محلياً بنسبة 23.4%، ما يدل على استمرار الاستهلاك المفرط نتيجة تشوهات سياسة الدعم الحالية.

ومع كون ليبيا تخسر سنوياً مليارات الدولارات في دعم يستفيد منه المهربون وغير المستحقين، يصبح الاستبدال النقدي للدعم هو الحل الأكثر فاعلية، شريطة تطبيقه تدريجياً مع ضمان حماية الفئات الضعيفة خلال فترة انتقال تمتد لخمس سنوات.

“حسني بي”: اقتصاد الظل والمضاربات جميع مصادرها أموال عامة تمثل نزيفا خفيّا يلتهم مليارات الدولارات

يعيش الاقتصاد الليبي منذ سنوات تحت ضغط سلسلة من الممارسات المضاربية، نتيجة سياسات مالية ونقدية، فتحت الباب أمام نزيف مالي هائل ينعكس مباشرة على القدرة الشرائية للمواطن، وعلى استقرار المالية العمومية والنظام النقدي لليبيا .
وتشير المعطيات إلى أنّ ثلاثة مجالات رئيسية تمثّل أكبر منافذ الهدر “سوق الصرف، الصكوك البنكية، وقطاع المحروقات والطاقة”.
مجموع هذا النزيف يتجاوز عشرات المليارات سنوياً، ما يجعل الظاهرة أقرب إلى “اقتصاد موازٍ” يمتصّ موارد الوطن ويعيق أي إصلاح تنموي حقيقي يخدم الوطن .

  1. المضاربة على فارق سعر
    الدولار: سوق علني حتى ان يجب ان يكون صامت بحجم يفوق 20 مليار دولار سنوياً
  • يُتداوَل في السوق الرسمي و الموازي أكثر من 20 مليار دولار سنوياً بين بيع وشراء مصارف و سوق موازي .
  • ومع الفارق الكبير بين سعر الصرف الرسمي والسوق السوداء، ترتفع فرص المضاربة إلى ما يقارب 20% من الحجم المتداول.
    ذلك يعني أنّ أرباحاً تُقتنص خارج المنظومة المالية الشرعية تقدَّر بنحو:
    4 مليارات دولار سنوياً وهي أرباح
  • لا تخضع للرقابة ولا للضرائب
  • تُستخدم في تغذية شبكات وساطة ترفع الضغط على الدينار
  • تزيد من نسب التضخم، ما ينعكس مباشرة على أسعار السلع الأساسية والمواد المستوردة.
  1. “حرق الصكوك” في السوق النقدية: تقدر ب 25 مليار دينار تتبخر سنوياً
    يتداول السوق نقداً ما يقارب 120 مليار دينار سنوياً في شكل تعاملات مباشرة، بعيداً عن القنوات البنكية.
    وفي ظل شح السيولة ورفض بعض المتعاملين التعامل بالصكوك، تتحول هذه الأخيرة إلى سلعة مضاربية يُخصم منها ما يصل إلى 25% من قيمتها تحت ما يعرف بـ “حرق الصكوك”.
    وتشير التقديرات إلى أنّ الخسائر الناتجة عن هذا السلوك تصل إلى:
    25 مليار دينار سنوياً
    وهو مبلغ يكفي لتغطية برامج دعم اجتماعي واسعة أو لتمويل مشاريع بنية تحتية كبرى.
    هذا النوع من المضاربة:
  • يعكس أزمة ثقة بين المواطن والمؤسسات المالية،
  • ويفاقم خروج السيولة من البنوك.
  • يفسد موضفي القطاع المصرفي
  1. المضاربة في قطاع المحروقات والطاقة:
    نزيف يعادل 6 مليارات دولار سنوياً
    يبلغ إجمالي الإنفاق السنوي على المحروقات والطاقة بين 12 و14 مليار دولار.
    لكن جزءاً كبيراً من هذه الكتلة المالية يُستنزف بسبب:
  • فرص التهريب عبر الحدود
  • السرقات من شبكات التوزيع
  • المضاربة في الأسعار والكميات
    وتُقدَّر هذه الخسائر بما يقارب:
    6 مليارات دولار (أي حوالي 32 مليار دينار)
    ما يعني أنّ المواطن يخسر نصف ما ينفقه تقريباً على هذا القطاع الحيوي، وهو ما يضع ضغطاً كبيراً على الميزانية وعلى فاتورة الدعم.

تقدير إجمالي للنزيف الاقتصادي
عند تجميع الخسائر من المجالات الثلاثة، نصل إلى:

  • المضاربة على الدولار: 4 مليارات دولار
  • حرق الصكوك: 25 مليار دينار
  • المحروقات والطاقة: 6 مليارات دولار (32 مليار دينار)
    أي ما يعادل أكثر من 16 مليارات دولار سنوياً او ما يقارب 100 مليار دينار ، وهو رقم يكفي لتمويل:
  • بناء آلاف المدارس والمستشفيات
  • تطوير شبكات النقل والطاقة
  • تخفيض الدين العمومي
  • تحسين الأجور والقوة الشرائية

إن استمرار هذا الوضع يعني أن الاقتصاد الرسمي بات محاصراً باقتصاد موازٍ حجمه يكاد ينافس ميزانية الحكومة .
الحلول موجودة… لكن القرار يتأخر
وفق بحجة ” توحيد الحكومة ” للاسف ذلك حسب طلب خبراء الاقتصاد ومسؤولين سابقين، فإن الحلول ليست معقّدة كما قد يبدو، وتشمل رغم الاتقسان و الحلول تتمثل في :

  • تعصير منظومة الدفع الإلكتروني وإنهاء عصر “الكاش”.
  • إصلاح سوق الصرف وتوحيد الأسعار تدريجياً.
  • رقمنة قطاع المحروقات من الإنتاج إلى التوزيع لمنع التهريب.
  • إعادة الثقة في البنوك عبر تسهيل معاملات الصكوك.
  • تعزيز الرقابة الجمركية والمالية بأدوات تكنولوجية.
    غير أنّ ما ينقص فعلياً هو الإرادة السياسية للمرور إلى التنفيذ، لأن كلفة التأجيل لم تعد تحتمل.

وزير النفط يبحث مع رئيس شركة مداد للطاقة السعودية فرص التعاون في مشروعات التكرير والتسويق

بحث وزير النفط والغاز المكلف بحكومة الوحدة الوطنية “خليفة عبدالصادق” مع رئيس مجلس إدارة شركة “مداد” للطاقة السعودية “عبدالإله العيبان”، فرص التعاون في مشروعات التكرير والتسويق والموارد غير التقليدية، إضافة إلى مناقشة رؤية الوزارة لعودة الشركات العالمية للعمل في السوق الليبي في ظل نجاح شركات كبرى في استئناف نشاطها.

واستعرض رئيس مجلس إدارة شركة “مداد” للطاقة السعودية خبرات الشركة ونجاحاتها، معربًا عن استعداد الشركة لنقل خبراتها والمساهمة في مشاريع استراتيجية داخل ليبيا، كما أكدت شركة مداد رغبتها القوية في توسيع التعاون مع وزارة النفط والغاز الليبية بما يدعم المصالح المشتركة ويعزز مسار التنمية المستدامة لقطاع الطاقة في ليبيا.

“ناجي عيسى” يناقش مع رئيس ديوان المحاسبة إجراءات اعتماد ميزانيات المصرف المركزي والمصارف الليبية

ناقش محافظ مصرف ليبيا المركزي “ناجي عيسى” مع رئيس ديوان المحاسبة “خالد شكشك”، إجراءات اعتماد ميزانيات المصرف المركزي والمصارف الليبية، وعدد من الملفات الرقابية والمالية ذات الصلة بتطوير أداء القطاع المصرفي بما يضمن تعزيز الشفافية وتحسين مستوى الإفصاح المالي.

وتم خلال الاجتماع مناقشة مراجعة ضوابط الإنفاق العام وتزايد حجم الإنفاق وتأثيره على قدرة المصرف المركزي في المحافظة على سعر الصرف، وأهمية وضع إطار عام مُوحد للإنفاق يضمن الاستدامة المالية والاستقرار المالي والنقدي.

كما تم استعراض الإجراءات التي قام بها المصرف المركزي في إطار استراتيجية الشمول المالي والتحول الرقمي والتوسع في عمليات الدفع الإلكتروني، وتطوير نشاط الصرافة والحد من السوق السوداء.

مصراتة تحتضن المنتدى المصرفي لتكنولوجيا الأعمال في دورته الثالثة

تنطلق يوم السبت المقبل بمدينة مصراتة فعاليات المنتدى المصرفي لتكنولوجيا الأعمال في دورته الثالثة، بمشاركة قادة المصارف وشركات التأمين وشركات التقنية والاتصالات وشركات الدفع الإلكتروني ورواد الأعمال والمشاريع الناشئة، وخبرات مصرفية ومشاركات عربية وعالمية.

وتحظى هذه النسخة من المنتدى على سيقام على أرض معرض مصراتة الدولي، برعاية شرفية من مصرف ليبيا المركزي والراعي البلاتيني مصرف الجمهورية وشركة لاكجوري والشركة الليبية للبريد والاتصالات وتقنية المعلومات القابضة، ويتواصل المنتدى على مدى ثلاثة أيام من 22-24 نوفمبر الجاري.

“أبوسيف اغنيه” يكتب: الجريمة المنظّمة في أفريقيا.. قراءة معمّقة في الحالة الليبية

كتب: د. أبوسيف الزروق اغنيه / الخبير الدولي في الاقتصاد والتمويل الإسلامي

ظلّ الجدل قائمًا لسنوات حول ما إذا كان من الملائم الحديث عن وجود جريمة منظّمة في أفريقيا. ويعكس استمرار هذا النقاش حاجة ملحّة إلى وضوح مفاهيمي أكبر، نظرًا لما يترتب على هذا المفهوم من آثار مباشرة على البحث العلمي وصياغة السياسات العامة.

ينطلق هذا الجدل من الادعاء بأن مفهوم “الجريمة المنظّمة” ذو منشأ غربي، ويتم إسقاطه على السياقات الأفريقية أحيانًا بما يخدم أولويات المانحين وجهود التنمية الدولية. ويرى النقّاد أن هذا المفهوم لا يعكس بدقة طبيعة التفاعل بين الدولة والقطاع الاقتصادي المشروع والجهات الإجرامية في أفريقيا، كما أنه يميل إلى توصيف الأنشطة الاقتصادية غير الرسمية الواسعة في القارة على أنها جريمة منظّمة.

ويستند هذا التشكيك كذلك إلى الاعتقاد بأن الجريمة المنظّمة، بالمعنى التقليدي المرتبط بتشكيلات شبيهة بالمافيا الصقلية وشبكات المحسوبية، ليست موجودة في أفريقيا. ويزداد المشهد تعقيدًا بفعل غياب تعريف عالمي جامع؛ إذ إن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية (UNTOC) تكتفي بتعريف “الجماعات الإجرامية المنظّمة” دون تقديم تعريف مباشر لمفهوم “الجريمة المنظّمة”.

إلا أن التحليل القائم على الأدلة الميدانية يُظهر بوضوح أن الأنماط المختلفة من الأنشطة غير المشروعة المنتشرة اليوم في القارة – من حيث تطورها واتصالها بالاتجاهات الإجرامية العالمية – تُشكّل جريمة منظّمة مكتملة الأركان، تعمل محليًا وعبر الحدود. ويعتمد “المؤشر” (Index) تعريفًا إجرائيًا للجريمة المنظّمة بوصفها:

أنشطة غير قانونية تمارسها مجموعات أو شبكات تعمل في تنسيق ممنهج، وتستخدم العنف أو الفساد أو أدوات مرتبطة بهما لتحقيق مكاسب مالية أو مادية، سواء داخل حدود الدولة أو عبرها.

وتبرز أمثلة عديدة على ذلك، من بينها:

نظام الجباية الذي تفرضه حركة الشباب في الصومال،

العصابات المتجذّرة في جنوب أفريقيا،

الانتشار الواسع لجرائم الاحتيال والاختلاس والفساد عبر القارة،

وكلها تُبرز قدرة الفاعلين الإجراميين على استغلال أنظمة الحوكمة، وتسخير العنف والفساد لتحقيق مصالحهم. كما تمثل شبكات تهريب البشر والاتجار بهم في شمال أفريقيا نمطًا واضحًا للتنسيق العابر للحدود، فيما تكشف تجارة الكوكايين في غرب أفريقيا الدور المحوري للفساد في دمج القارة داخل شبكات التهريب العالمية. فهذه الظواهر ليست مجرد امتداد للاقتصاد غير الرسمي، بل هي منظومات إجرامية واسعة تمتاز بالعنف والتنسيق العالي والهيكلة الهرمية والامتداد الإقليمي والدولي، وكلها سمات راسخة للجريمة المنظّمة.

وقد أدركت الدول الأفريقية والهيئات الإقليمية خطورة هذه الظاهرة من خلال منظوماتها القانونية. فجنوب أفريقيا سنّت قانونًا خاصًا لمكافحة الجريمة المنظّمة، كما تناولت اتفاقيات الاتحاد الأفريقي والتجمعات الإقليمية هذه الظاهرة بوضوح، في حين صادقت غالبية الدول الأفريقية على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية. ويعكس هذا الاعتراف الرسمي اتفاقًا واسعًا على أن الجريمة المنظّمة ليست واقعًا قائمًا في أفريقيا فحسب، بل تمثل تحديًا بنيويًا يتطلب تدخلًا عاجلًا ومنسّقًا.

ما هو الحل في ليبيا؟

في ليبيا، تُظهر التقديرات والتحليلات الحديثة أن الجريمة المنظّمة باتت عنصرًا مؤثرًا في البيئة الأمنية والاقتصادية، مدفوعة بعوامل معقدة أبرزها هشاشة الدولة، تعدد مراكز القوة، انتشار السلاح، وتداخل النشاطات الإجرامية مع الاقتصادين الرسمي وغير الرسمي. وتتمثل أبرز مظاهرها في:

شبكات تهريب البشر والاتجار بهم الممتدة عبر الساحل والصحراء.

تهريب الوقود والسلع المدعومة عبر شبكات تتسم بالتنسيق والعائدات الكبيرة.

الجريمة العابرة للحدود المرتبطة بالتهريب بين ليبيا ودول الجوار.

أنشطة مالية غير مشروعة مثل غسل الأموال والاحتيال والاستيلاء على الموارد العامة.

تداخل بعض النشاطات المسلحة مع الاقتصاد الإجرامي بدرجات متفاوتة.

في ليبيا تظهر أشكال الجريمة المنظّمة الهجينة، بطابع خاص يختلف عن النموذج التقليدي الإيطالي أو المكسيكي. وهي شبكات تجمع بين:

عناصر من مجموعات مسلحة.
مهربين محترفين.
فاعلين اقتصاديين.
نافذين سياسيين.
شبكات إقليمية تمتد إلى أغلب الدول المجاورة لليبيا.

وهذه الأنشطة لا يمكن تصنيفها كجريمة فردية أو نشاط غير رسمي تقليدي؛ بل تمتلك عناصر واضحة من التنظيم، وتقاسم الأدوار، واستعمال القوة أو التهديد بها، والقدرة على اختراق المؤسسات العامة للدولة، وهي المعايير الأساسية للجريمة المنظّمة الحديثة.

وبالتالي، فإن الحالة الليبية تُعدّ مثالًا بارزًا على تعقّد الجريمة المنظّمة في السياقات الضعيفة أو غير المستقرة، مما يستدعي بناء سياسات وطنية متخصصة وإجراءات إقليمية مشتركة للسيطرة على الجريمة المنظمة منها على سبيل الاولويات لا الحصر:

توحيد المؤسسات الأمنية والقضائية.
قيادة مركزية موحدة.
حوكمة المنافذ البرية والبحرية والجوية.
سيطرة الحكومة على المنافذ.
بناء جهاز استخبارات مالي قوي (Financial Intelligence Unit).
إصلاح قطاع الدعم والوقود.
استراتيجية وطنية شاملة لمكافحة الجريمة المنظمة.

“محمد الشحاتي”: الاحتمالات الليبية لموازنة سنة 2026

كتب الخبير الاقتصادي محمد الشحاتي

الاحتياطي، إدارة الدين العام، سعر النفط، وسعر الصرف: المفاتيح الاقتصادية لموازنة سنة 2026.

الجزء الثاني: الاحتمالات الليبية لموازنة سنة 2026.

تناولت في المقال السابق السياسات المالية للدول النفطية في إعداد موازنات سنة 2026، وخاصة ما يتعلق بافتراض سعر النفط وكيفية التعامل مع العجز المتوقع نتيجة لتراجع الأسعار إلى حدود 60 دولارًا للبرميل، وهو سيناريو مرجّح في ضوء أوضاع السوق العالمية وتباطؤ الطلب.

في هذا المقال، أحاول أن أقدّم قراءة للوضع المالي الليبي من زوايا متعددة – سياسية واقتصادية ومالية ونفطية – لأبيّن أهمية وضع مخطط موازنة حكومية واقعية لعام 2026، حتى لو لم تُعتمد رسميًا، لما لذلك من دور في إعادة الانضباط المالي وإيضاح الاتجاهات العامة أمام صناع القرار.

أولاً: المأزق السياسي والإداري لغياب الموازنة

من الناحية السياسية، تدخل ليبيا عامها الثالث عشر دون موازنة حكومية أو ميزانية ختامية بسبب الانقسام المؤسسي. وقد فشلت كل المحاولات السابقة لإقرار موازنة نافذة لسنة 2025، نتيجة اعتراضات من السلطات المنقسمة وتباين موقف مصرف ليبيا المركزي. ويدور الجدل اليوم حول جدوى إصدار موازنة جديدة في ظل الانقسام القائم، بين من يرى أن المحاولة ضرورية لتقنين الإنفاق، ومن يخشى أن تزيد من تفاقم الانقسام، وأنه من الأفضل الانتظار لحين تحقيق تسوية سياسية ترعاها الأمم المتحدة.

ثانيًا: التحدي المالي والمحاسبي

من الناحية المحاسبية، تعاني ليبيا من انقطاع تسلسل الموازنات وغياب الحسابات الختامية منذ عام 2014، ما يجعل من الصعب قياس الانحرافات بين الإيراد والإنفاق أو تحديد الفوائض والعجوزات المتراكمة.

ومع أن تقديرات الإنفاق تصعد من القاعدة الإدارية إلى القمة عبر طلبات الجهات التنفيذية، فإنها تفتقر إلى رؤية كلية توفّق بين المطالب القطاعية وإجمالي القدرات التمويلية، مما يجعل إعداد موازنة شاملة أمرًا محفوفًا بالصعوبات.

وفي الظروف الحالية، وبعد فترات طويلة من العجز المالي، فمن الواجب أن يتم تحديد سقوف إنفاقية صارمة، وإلزام الوحدات الإدارية – من دون الإضرار بها – بترشيد سلوكها المالي حتى تتجاوز الدولة الأزمة الحالية.

ثالثًا: العجز المالي والدين العام

منذ عام 2014، نشأ العجز المالي نتيجة عاملين أساسيين:

الإغلاقات النفطية التي أوقفت تدفق الإيرادات.

الانخفاض الحاد في الأسعار العالمية خلال فترة حرب الأسعار بين أوبك والمنتجين المستقلين.

ورغم أن بعض المسؤولين اعتبروا أن تخفيض سعر صرف الدينار عام 2021 أدى إلى تصفير الدين العام، إلا أن هذا الاعتقاد لا يصمد محاسبيًا. فالعجز لا يُمحى بتغيير السعر الاسمي للعملة، حتى من الناحية التاريخية، لأن الدين العام الحقيقي هو ما ترتب عن إقراض المصرف المركزي للحكومة أو إصدار أدوات استدانة.

تُقدّر الحسابات أن العجز المتراكم على مصرف ليبيا المركزي – فرع طرابلس – بلغ نحو 145 مليار دينار، بينما بلغ لدى فرع بنغازي 104 مليارات دينار، أي ما مجموعه 259 مليار دينار. غير أن الدين العام الموثق لا يتجاوز 144 مليار دينار، لأن جزءًا من العجز جرى تمويله مباشرة من الاحتياطي أو بوسائل غير ائتمانية.

وتوضح هذه الفروق غياب الإطار المحاسبي الموحد الذي يُفترض أن يوجّه السياسات المالية المقبلة.

رابعًا: السعر التعادلي للنفط واحتمالات العجز

لم ينشر صندوق النقد الدولي في تقريره الصادر في أكتوبر 2025 بيانات محدثة للسعر التعادلي للنفط في الدول النفطية، إلا أن تقرير أبريل السابق قدّر السعر التعادلي لليبيا في 2025 بنحو 75 دولارًا للبرميل، وهو رقم منخفض لأنه اعتمد فقط على إنفاق حكومة الوحدة الوطنية دون احتساب إنفاق الحكومة الموازية.

وبناءً على تحليل كمي مستقل يأخذ في الاعتبار سعر الصرف الرسمي ومستوى الإنتاج المتوقع (1.4 مليون برميل يوميًا) والإنفاق الإجمالي للحكومتين، يمكن تقدير السعر التعادلي في 2026 عند نحو 80 دولارًا للبرميل.

وهذا يعني أنه مع توقع تراجع الأسعار العالمية إلى حدود 60 دولارًا في سنة 2026، فإن العجز سيبلغ نحو 20 دولارًا للبرميل.

خامسًا: المدى الزمني للموازنة وضوابط التوسع والانكماش

تاريخيًا، تتحرك الموازنة العامة بين مدى أعلى وأدنى محكومين بمستوى الإيرادات النفطية والقدرة الاستيعابية للاقتصاد. فخلال فترات الوفرة، لا ينبغي التوسع في الإنفاق بما يتجاوز هذا المدى، لأن الاقتصاد المحلي لا يستطيع امتصاص الإنفاق الزائد دون خلق تضخم أو اختلالات سعرية. وعليه، يجب أن يُوجّه الفائض إلى الاحتياطي كمجنب استراتيجي.

أما عند انخفاض الأسعار، فينبغي أن تستمر الدولة في الإنفاق على الحدود الدنيا للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي، حتى لو اقتضى الأمر السحب المؤقت من الاحتياطي أو الاقتراض الداخلي، لكن بشرط أن يكون ذلك ضمن خطة واضحة للاستدانة وآليات السداد، وهو ما تفتقر إليه ليبيا منذ سنوات.

سادسًا: ترشيد الإنفاق وتقديرات الدخل في 2026

في ضوء الأرقام المتاحة، سيبلغ الدخل النفطي المحول إلى المصرف المركزي عند سعر 60 دولارًا للبرميل نحو 2.2 مليار دولار شهريًا، يُخصم منها 630 مليون دولار لتغطية مخصصات المحروقات، فيتبقى نحو 1.6 مليار دولار شهريًا فقط لتغطية الإنفاق العام.

أما النفقات المتوقعة للحكومتين فتبلغ نحو 160 مليار دينار سنويًا وفق تقدير عقلاني، تتوزع تقريبًا على النحو التالي:

• 70 مليار دينار للمرتبات،

• 15 مليارًا للتشغيل،

• 40 مليارًا للتنمية،

• 35 مليارًا لبنود أخرى.

بناءً على ذلك، فإن السعر التعادلي الأساسي يُقدّر بنحو 80 دولارًا للبرميل.

سابعًا: حدود القدرة على تغطية المرتبات

يُستخدم أحيانًا التحذير من خطر العجز عن سداد المرتبات في حال تراجع الأسعار، لكن ذلك يحتاج إلى تدقيق واقعي.

عمليًا، إذا لم يتم اللجوء إلى أي أدوات للاستدانة، فإن انخفاض سعر النفط حتى إلى 55 دولارًا سيقلّص الدخل الصافي إلى حوالي 96 مليار دينار سنويًا بعد خصم تكلفة المحروقات. وبما أن بند المرتبات وحده يبلغ 70 مليار دينار، فإن تغطيته لا تزال ممكنة، لكنها ستترك هامشًا محدودًا جدًا لبقية البنود.

لذا، فإن هذا التحذير يجب أن يُفهم كدعوة لتقليص الإنفاق غير الضروري أكثر من كونه تنبؤًا بعجز فعلي عن السداد، مع ضرورة الاستعداد بخيارات مثل الاقتراض المؤقت أو تأجيل الإنفاق الرأسمالي لحين تحسن الأسعار، ليس لتغطية الرواتب بل لتغطية أوجه الصرف الأخرى.

ثامنًا: الدين العام وهيكل الاستدانة الجديد

من البداهة أنه لا يمكن التعامل مع العجز الحالي باعتباره دينًا يمكن سداده في الأجل القصير، خصوصًا أن معظم العبء المالي قد تحمّله المواطن من خلال تخفيض سعر صرف الدينار، سواء عبر السعر الأساسي أو بإضافة رسوم على الصرف.

ففكرة استرداد العجز بكامله، بما في ذلك ما سُحب من الاحتياطي، كانت تهدف إلى استعادة سعر الصرف القديم بطريقة “الزحف التدريجي”، لكنها اليوم غير واقعية. أما تسوية الدين العام فقط فستُسهم في استقرار الأوضاع النقدية دون أن تعيد الدينار إلى مستوياته السابقة.

ومن هنا، تبرز الحاجة إلى هيكل استدانة واضح تشارك في وضعه السلطة التنفيذية مع المصرف المركزي والسلطة التشريعية، لتحديد كيفية إقراض الدولة وآلية السداد الزمنية، ومنع تكرار نمط التمويل غير المنضبط الذي أدى إلى تضخم الدين العام.

ويجب أن يُفهم أن هيكل الاستدانة لا ينحصر في الاقتراض النقدي فقط، بل يمتد إلى اتفاقيات مقاسمة الإنتاج النفطي. ففتح القطاع النفطي أمام الشركات الأجنبية أو المحلية هو نوع من الاستدانة، ويجب معاملته محاسبيًا واقتصاديًا بتطبيق مبدأ التعادل – أي قياس جدواه وفق سعر الفائدة العالمي وتوقعات أسعار النفط طويلة الأجل – لتحديد نسب المشاركة. فإذا كانت المصلحة الوطنية أعلى من العائد المتوقع من الشراكة، فلا مبرر لمثل هذه الاتفاقيات.

وقد كتبت فيما مضى أن أغلب الدول النفطية مثل السعودية والإمارات والجزائر والكويت تفادت العجز المتوقع عبر طرح سندات دولارية محلية لتغطية الفجوة بين السعر التعادلي وسعر السوق المتوقع لعام 2026. ويمكن من حيث المبدأ التفكير في آلية مشابهة في ليبيا، لكنها تحتاج إلى تخطيط دقيق لتحديد كيفية التحصيل والتخصيص وتكاليف التمويل، لأن تكلفة هذه السندات لا يجب أن تقل عن سعر الفائدة السائد على الدولار، مع ضرورة تحديد أوجه صرفها بدقة لتجنب الهدر في مصاريف غير ضرورية.

تاسعًا: الإجراءات المساندة – من السياسة النقدية إلى الإصلاح المؤسسي

في سياق معالجة العجز وضبط الدين، على المصرف المركزي أن يوازن بين استقرار العملة والمحافظة على السيولة. فقد أدى سحب 50 مليار دينار من التداول دون بدائل نقدية إلى اضطراب السيولة وتراجع القدرة الشرائية، رغم أن الأثر النظري للعملية انكماشي لا تضخمي.

كما أن التحول نحو الدفع الإلكتروني يجب ألا يُطرح كبديل اضطراري في ظل شح النقد، بل كمشروع هيكلي يحتاج إلى بيئة مصرفية مستقرة وربط بأنظمة ائتمان دولية تعزز الثقة والاستدامة التقنية.

عاشرًا: نحو رؤية واقعية لموازنة 2026

يتضح من كل ما سبق أن أي موازنة تُعد لسنة 2026، إذا افترضت سعرًا للنفط عند 60 دولارًا، ستسجل عجزًا محققًا يمثل استمرارًا للعجز الماضي لا قطيعة معه. لذا، لا يمكن معالجة الوضع بالإنكار أو بسياسات التوسع غير الممول، بل بإنشاء هيكل تمويلي منضبط يحدد العلاقة بين المصرف المركزي والدولة، ويعيد تعريف حدود الإنفاق بما يتناسب مع الإيرادات الواقعية.

كما يجب أن تعيد السلطات التفكير في تخفيض السعر التعادلي للموازنة من مستواه الحالي البالغ 90 دولارًا إلى مستوى أكثر واقعية عبر ترشيد الإنفاق وتحسين الكفاءة، لأن بقاء الموازنة عند هذا السقف يعني استمرار العجز حتى مع أي تحسن طفيف في الأسعار.

الخلاصة النهائية

إن موازنة ليبيا لعام 2026 ليست مجرد وثيقة مالية، بل هي اختبار سياسي لإرادة الدولة في استعادة انضباطها المؤسسي. فالاحتياطي النفطي والدين العام وسعر الصرف وسعر النفط تشكل منظومة مترابطة لا يمكن إدارتها بالقرارات الجزئية.

ولذلك، فإن النجاح في إعداد موازنة واقعية يتوقف على توحيد المؤسسات المالية، وضبط الإنفاق المزدوج، وتأسيس هيكل استدانة منضبط، مع الإبقاء على الاحتياطي كصمام أمان للأجيال المقبلة.

وفي النهاية، إن تحقيق الاستقرار المالي في ليبيا لا يحتاج إلى معجزة اقتصادية، بل إلى قرار موحد يضع الاقتصاد فوق الانقسام السياسي.

“أبوسيف اغنيه” يكتب: التجارب الحديثة في الصكوك السيادية وإمكانية الاستفادة منها في ليبيا

كتب: د. أبوسيف الزروق اغنيه / الخبير الدولي في الاقتصاد والتمويل الإسلامي

في خطوة غير مسبوقة على مستوى سوق الدين المحلي، أطلقت مصر أخيرا أول إصدار من الصكوك السيادية بالجنيه المصري بقيمة 3 مليارات جنيه، وبأجل ثلاث سنوات، وبعائد تنافسي بلغ أكثر من 20%.

وقد شهد الطرح إقبالًا كبيرًا من المستثمرين المحليين والدوليين، حيث تجاوزت التغطية في الطرح الأول خمسة أضعاف القيمة المطروحة، مما يعكس ثقة عالية في أدوات التمويل الإسلامي كبديل مرن ومستدام للديون التقليدية.

تأتي هذه الخطوة في إطار سعي الحكومة المصرية لتنويع أدوات التمويل وتعزيز جاذبية السوق المالية وخفض تكلفة الدين العام، عبر آلية تعتمد على المشاركة لا الاقتراض، والاستثمار لا الاستدانة، وهي فلسفة تمويلية تتقاطع مع جوهر فكرة التمويل الجماعي (CrowdFunding) الحديثة.

تموذج يمكن أن يلهم ليبيا

تُعد تجربة الصكوك نموذجًا يمكن لليبيا الاستفادة منه في مسار تطوير أدوات التمويل الوطني، خصوصًا في ظل التحديات التي تواجه الاقتصاد الليبي وتراجع الاعتماد على التمويل الحكومي التقليدي.

فمن خلال تفعيل التمويل الجماعي المنظم، يمكن فتح الباب أمام المواطنين والقطاع الخاص للمشاركة في تمويل مشاريع البنية التحتية والزراعة والصناعة والطاقة وريادة الأعمال، بما يخلق حركة اقتصادية حقيقية ويُعزز روح المشاركة الوطنية في التنمية.

إن التمويل الجماعي لا يقوم فقط على جمع الأموال، بل على توسيع قاعدة الممولين والمستفيدين، وتحفيز المدخرات المحلية، وتفعيل دور المصارف والمؤسسات الاستثمارية في دعم المبادرات الإنتاجية، وإذا ما تم تنظيمه عبر إطار تشريعي ومصرفي واضح، فإنه قد يشكل أحد أهم ركائز الاقتصاد الإسلامي او التشاركي الحديث في ليبيا.

من الحديث إلى التطبيق

كنت قد أشرتُ في مداخلتي بندوة مصرف ليبيا المركزي الأخيرة حول الاستثمار إلى ضرورة أن تتجه ليبيا نحو ابتكار أدوات تمويلية غير تقليدية، على رأسها التمويل الجماعي، بوصفه وسيلة فعالة لتعبئة الموارد المحلية وتوجيهها نحو مشاريع حقيقية بدلًا من الركون إلى الحلول قصيرة الأمد.

ففي الوقت الذي تتسابق فيه دول الجوار على تحديث أدواتها المالية، بات من الضروري أن تفتح ليبيا نافذة إصلاحية جديدة في مجال التمويل والتنمية، وتستفيد من التجارب الإقليمية الناجحة، وتُترجمها إلى واقع اقتصادي مبتكرة وطريقة تنموية فعالة من شأنها أن تلامس تطلعات الشباب ورواد الأعمال والمستثمرين المحليين وتضيف عنصرًا فعالا للتنمية المستدامة.

“حسني بي” يوضح سبب استقرار العملة في دول مثل تونس والأردن وانخفاض قيمتها في ليبيا

قال رجل الأعمال “حسني بي” إن سبب استقرار العملة في دول مثل تونس والأردن وانخفاض قيمتها في ليبيا، هو أن تلك الدول لم تخلق دين عام وتموله من خلال خلق النقود مثل ما يحدث في ليبيا.

وأضاف بأننا في ليبيا حتى عندما لم يكن لدينا دين عام في 2023 وبداية عام 2024، أخذنا الدولارات وخلقنا نقود بقيمة 40 مليار دينار، والتي على أثرها طلب المحافظ السابق “الصديق الكبير” من رئيس مجلس النواب فرض ضريبة على بيع النقد الأجنبي بقيمة 27%.

وأكد “حسني بي” بأنه لا يمكن لأي عملة محلية أن تنهار قيمتها ما لم يكن هناك تمويل نقدي لعجز حكومي، مشيرا إلى أنه لا يوجد في الاقتصاد شيء اسمه نقود غير معروفة ومجهولة المصدر، ولا توجد أموال منفقة وغير مدرجة في الحسابات لأنها ستظهر في عرض النقود.

“الدبيبة” يترأس اجتماع اللجنة العمومية لشركة الاتصالات القابضة

ترأس رئيس حكومة الوحدة الوطنية “عبدالحميد الدبيبة” اجتماع اللجنة العمومية للشركة الليبية للبريد والاتصالات وتقنية المعلومات القابضة، والذي خصص لمناقشة أعمال مجلس إدارة الشركة القابضة منذ توليه مهامه مطلع مارس 2025.

واستعرض الاجتماع أبرز مؤشرات الأداء المالي الرئيسية لشركات المجموعة للفترة من 2020 وحتى الربع الثالث من 2025، وتناول تقارير مفصلة عن شركات مجموعة الاتصالات والخطة الاستراتيجية للفترة 2025 – 2030، بما يشمل الأهداف الرئيسية لتطوير القطاع وتعزيز مكانته على المستوى المحلي والإقليمي.

كما تناول الاجتماع الجوانب المالية للشركة، بما في ذلك الموازنة التقديرية لعام 2026، إلى جانب تقرير النشاط المالي خلال العام 2025، مع متابعة المشروعات الاستراتيجية ومبادرات التحول الرقمي التي تنفذها الشركة بالتعاون مع المؤسسات الحكومية، بهدف تحسين جودة الخدمات وتعزيز الكفاءة التشغيلية والاقتصادية للمجموعة.

وشدد “الدبيبة” على أهمية تعزيز الكفاءة المالية والإدارية للشركة، وتحقيق أعلى معايير الشفافية والمساءلة في جميع قطاعاتها، مع مواصلة جهود الابتكار والتطوير التكنولوجي بما يتواكب مع المستجدات العالمية ويدعم الاستدامة في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، مؤكدا على الدور الحيوي للشركة في دعم التحول الرقمي للحكومة، وتوفير البنية التحتية اللازمة لتطوير الخدمات الرقمية للمواطنين.