Skip to main content

الوسم: سعر الصرف

“حسني بي” يوضح سبب استقرار العملة في دول مثل تونس والأردن وانخفاض قيمتها في ليبيا

قال رجل الأعمال “حسني بي” إن سبب استقرار العملة في دول مثل تونس والأردن وانخفاض قيمتها في ليبيا، هو أن تلك الدول لم تخلق دين عام وتموله من خلال خلق النقود مثل ما يحدث في ليبيا.

وأضاف بأننا في ليبيا حتى عندما لم يكن لدينا دين عام في 2023 وبداية عام 2024، أخذنا الدولارات وخلقنا نقود بقيمة 40 مليار دينار، والتي على أثرها طلب المحافظ السابق “الصديق الكبير” من رئيس مجلس النواب فرض ضريبة على بيع النقد الأجنبي بقيمة 27%.

وأكد “حسني بي” بأنه لا يمكن لأي عملة محلية أن تنهار قيمتها ما لم يكن هناك تمويل نقدي لعجز حكومي، مشيرا إلى أنه لا يوجد في الاقتصاد شيء اسمه نقود غير معروفة ومجهولة المصدر، ولا توجد أموال منفقة وغير مدرجة في الحسابات لأنها ستظهر في عرض النقود.

“عز الدين عاشور” يكتب: استقرار سعر الصرف في ليبيا.. الأسباب والحلول

كتب: الخبير الاقتصادي “عز الدين عاشور”

تعاني ليبيا منذ سنوات من مشكلة عدم استقرار سعر الصرف ووجود سوق موازية (سوداء) تتجاوز أسعارها أحيانًا السعر الرسمي بنسبة 30% أو أكثر. فيما يلي شرح مبسط لأسباب هذه الظاهرة والحلول المقترحة للتغلب عليها.

أولاً: ما هي المشكلة؟

في ليبيا يوجد سعران للدينار مقابل الدولار:

1. السعر الرسمي الذي يحدده المصرف المركزي.

2. السعر في السوق الموازية (السوداء) الذي يتعامل به الناس فعليًا.

الفرق الكبير بينهما يفقد الثقة في الدينار ويخلق حالة من عدم الاستقرار.

ثانياً: لماذا يحدث هذا الفارق الكبير؟

• قلة الثقة في الدينار الليبي: عندما يخشى المواطنون من التضخم أو ضعف الاقتصاد، يلجأون إلى الدولار لحماية أموالهم.

• الاعتماد على النفط فقط: انخفاض عائدات النفط يؤدي إلى نقص الدولار في السوق.

• ضعف التنسيق بين الحكومة والمصرف المركزي: تأخر ضخ العملة الأجنبية عند زيادة الطلب.

• صعوبة الحصول على الدولار بالسعر الرسمي: الإجراءات المعقدة تدفع التجار إلى السوق الموازية.

• تهريب السلع والوقود: فرق السعر بين ليبيا والدول المجاورة يشجع على التهريب.

ثالثاً: كيف تحل المشكلة؟

المرحلة الأولى (قصيرة الأجل – 3 أشهر):

• الإعلان المسبق عن كميات وتوقيت ضخ العملة الأجنبية.

• تسهيل شراء الدولار للتجار والمواطنين لأغراض مشروعة.

• تنسيق مواعيد المصروفات الحكومية مع سياسة المصرف المركزي.

• توضيح الخطة الإعلامية وطمأنة المواطنين.

المرحلة الثانية (متوسطة الأجل – سنة):

• إنشاء سوق رسمية لتبادل العملات بين البنوك.

• توحيد تدريجي لسعر الصرف ليقترب الرسمي من الفعلي.

• تشغيل حساب الخزانة الموحد لتنظيم الإنفاق.

• إصلاح تدريجي لدعم الوقود لتقليل التهريب.

المرحلة الثالثة (طويلة الأجل – من سنة إلى سنتين):

• إنشاء صندوق استقرار لتنعيم أثر تقلبات أسعار النفط.

• تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.

• اعتماد سياسة نقدية حديثة تتحكم في التضخم من خلال ادوات فعالة .

• تعزيز الثقة في الدينار من خلال الشفافية والتنسيق.

رابعاً: ما يجب تجنّبه

• تثبيت السعر بالقوة دون وجود أدوات اقتصادية حقيقية.

• فتح السوق بالكامل دون ضوابط، مما يؤدي إلى قفزات في الأسعار.

• إخفاء المعلومات عن السوق، لأن الشائعات تزيد الاضطراب.

المشكلة في ليبيا ليست في السعر نفسه، بل في طريقة إدارة الاقتصاد ككل. إذا تم ضبط الإنفاق العام، وتحسين التنسيق بين السياسات المالية والنقدية، والتجارية وتسهيل الحصول على الدولار، وتنويع الاقتصاد، فسيستقر سعر الصرف بشكل طبيعي.

“أيوب الفارسي”: سعر الصرف الثابت ضمانة للمنحى التنازلي للسوق السوداء غير الشرعية

قال أستاذ الاقتصاد بجامعة بنغازي “أيوب الفارسي” إنه في ظل هيكل الاقتصاد أحادي مصدر النقد الأجنبي، والذي لا يمكن معه إلا اتباع سياسة التثبيت، فإنه حتى في ظل تنامي سوق سوداء وهو طابع مرتبط بسياسة التثبيت، ولكن هذا التنامي لا ينفلت بسبب أن السعر الثابت يشد هذا السوق ولا يجعله ينفلت.

وأضاف “الفارسي” بأنه ومع زيادة تدخلات مصرف ليبيا المركزي؛ فإن الهدف يكون تقليص الفجوة السعرية ومن ثم القضاء على هذا السوق الممنوع أساسا والذي يجب محاربته، أو على الأقل أن لا يكون سوقا حقيقيا بحيز مكاني ومتعاملين كأي سوق آخر .

وتابع قائلا: “طبعا لا أستطيع رسم سيناريو للتعويم لأنه ببساطة لا يمكن طبيقه أساسا في ليبيا من الناحية العملية، فهو أشبه بوضع وقود بنزين لسيارة تعمل بالديزل، ومن أساسيات الاقتصاد البديهي الذي يدرسه الطلاب أن المنافسة لها شروط وأهمها وجود عدد كبير من عارضي السلعة، أما الاحتكار فهو عكس ذلك، فلا يمكن أن يكون السوق محررا بوجود محتكر واحد للسلعة”.

“أنس الأمين”: السياسة النقدية في ليبيا وإشكالية سعر الصرف

كتب: أستاذ الاقتصاد/ أنس الأمين

الحالة الليبية اليوم تُعد نموذجًا معقدًا (Complex Case) تتشابك فيه العوامل الاقتصادية مع الهشاشة السياسية والانقسام المؤسسي. فغياب الاستقرار السياسي (Political Instability) وتعدد مراكز السلطة (Dual Authority) أفرزا بيئة نقدية ومالية مضطربة، حيث أصبح من الصعب على السياسة النقدية (Monetary Policy) أن تمارس دورها التقليدي في ضبط التضخم (Inflation Control)، إدارة السيولة (Liquidity Management)، وتحقيق الاستقرار الكلي (Macroeconomic Stability).

وتبرز إشكالية سعر الصرف (Exchange Rate Regime) كواحدة من أعقد التحديات أمام صانعي القرار، إذ تتأرجح المقاربات بين التعويم الكامل (Full Float) الذي يترك تحديد السعر لقوى السوق بالكامل، والتعويم المدار (Managed Float) الذي يوازن بين مرونة السوق (Market Flexibility) وتدخل المصرف المركزي (Central Bank Intervention) لاحتواء التقلبات.

لكن، وعلى خلاف التجارب الدولية التي حققت نجاحًا نسبيًا مثل التجربة المغربية في التعويم التدريجي (Gradual Managed Float) أو النموذج المصري في التعويم شبه الكامل (Quasi-Full Float)، تفتقر ليبيا إلى مرتكزات أساسية: نظام مصرفي حديث (Modern Banking System)، مؤسسات تنظيمية فعالة (Regulatory Institutions)، قطاع خاص منتج (Productive Private Sector)، ونظام مالي متنوع (Diversified Financial System). ورغم أن المغرب يشهد اليوم احتجاجات اجتماعية (Social Unrest)، إلا أن ذلك لا يلغي نجاحه في تطوير البنية التحتية (Infrastructure Development) وتنويع مصادر دخله (Economic Diversification) عبر السياحة، الصناعات التحويلية، السيارات، والطاقة المتجددة، وهي عناصر تعكس استقرارًا مؤسساتيًا ساعد على نجاح تجربته النقدية.

وعليه، يصبح البحث في إمكانية تبني التعويم المدار ليس خيارًا أكاديميًا بحتًا، بل طرحًا واقعيًا (Pragmatic Option) يستجيب لخصوصية الاقتصاد الليبي (Libyan Economic Specificity)، رغم ما يحمله من تحديات بنيوية (Structural Challenges).

أولًا: ملامح الأزمة الاقتصادية الليبية

يعتمد الاقتصاد الليبي بشكل شبه مطلق على إيرادات النفط (Over 95% of Government Revenues) كمصدر للعملات الأجنبية. إلا أن هذه الإيرادات نفسها متقلبة بسبب تذبذب الإنتاج (Production Volatility) الناتج عن الصراعات المسلحة، إغلاق الموانئ النفطية، والعوامل الجيوسياسية. في المقابل، تواجه الحكومتان المتنافستان التزامات إنفاقية مرتفعة تشمل الأجور والدعم، ما يجعل الدولة غير قادرة على تغطية نفقاتها بشكل مستدام.

كما يُعاني الاقتصاد الليبي من مشكلات أخرى:

1. التهريب المستمر للعملة الصعبة والسلع المدعومة إلى دول الجوار.

2. ضعف القطاع الخاص نتيجة البنية التحتية المتهالكة وغياب بيئة استثمارية جاذبة.

3. إنتاجية منخفضة وكفاءة متدنية في أغلب القطاعات غير النفطية.

4. بطالة مقنعة (Disguised Unemployment) مع اعتماد آلاف الموظفين على وظائف حكومية غير منتجة.

5. عمالة وافدة غير خاضعة للضريبة تستفيد من منظومة الدعم التي تُعتبر في جوهرها هدرًا للموارد العامة.

ثانيًا: تقييم الإطار المصرفي في ليبيا

النظام المصرفي الليبي يعاني من عدة أوجه ضعف:

• أسعار الفائدة (Interest Rates) شبه مجمّدة، ولا تؤدي دورها الطبيعي في امتصاص السيولة أو توجيه المدخرات.

• المصارف الليبية ليست مصارف إسلامية (Islamic Banks) حقيقية بالمعايير العالمية، ولا مصارف تقليدية (Conventional Banks) كاملة الوظائف، مما يفقدها الخبرة المؤسسية في إدارة أدوات السوق النقدي (Money Market Instruments) أو تطوير منتجات مالية حديثة.

• إضافة إلى ذلك، يمارس مصرف ليبيا المركزي أعمال الصيرفة بشكل مباشر ويحتفظ بحصص في رؤوس أموال بعض أكبر المصارف التجارية الليبية. وهذا الوضع يضعف استقلالية البنك المركزي (Central Bank Independence)، ويحوّله من منظم محايد إلى فاعل مباشر في السوق، ما يزيد من مخاطر تضارب المصالح (Conflict of Interest) ويُقيد فاعلية السياسة النقدية.

هذه الخصائص تجعل من ليبيا بعيدة عن النماذج المتقدمة مثل الأردن أو البحرين، حيث تتسم الأجهزة المصرفية هناك بالشفافية، التنوع المالي، واستقلالية المصارف المركزية.

ثالثًا: المقارنة مع تجارب دولية

1. مصر:

اختارت مصر التعويم شبه الكامل للجنيه المصري عام 2016. ورغم نجاح الخطوة في تقليص السوق الموازية وزيادة احتياطيات النقد الأجنبي، إلا أنها أدت إلى تضخم مرتفع وانخفاض كبير في القوة الشرائية. هذا السيناريو يعكس خطورة تطبيق التعويم الكامل في اقتصاد هش مثل ليبيا.

2. المغرب:

اعتمد المغرب سياسة تعويم مدار تدريجي (Gradual Managed Float) منذ 2018، ما سمح بتوسيع نطاق تحرك الدرهم مقابل العملات الأجنبية دون إحداث صدمات قوية في السوق. نجاح التجربة المغربية ارتبط بوجود مؤسسات مصرفية قوية، واستقرار نسبي في البنية التحتية (Infrastructure)، وسياسات واضحة لتنويع الاقتصاد.

3. الأردن:

يُعتبر الأردن مثالًا ناجحًا في تثبيت سعر الصرف (Pegged Exchange Rate) مقابل الدولار، بفضل استقلالية المصرف المركزي، قوة نظامه المصرفي، ووجود قطاع خاص نشط. هذا النموذج غير ممكن في ليبيا حاليًا بسبب ضعف المؤسسات والانقسام السياسي.

4. البحرين:

حافظت البحرين على ربط عملتها بالدولار مع نظام مصرفي متطور ومتعدد المنتجات، إضافة إلى جذب رؤوس أموال واستثمارات خارجية عبر قطاع مالي متقدم (Financial Hub). أما ليبيا، فتنقصها الأسس المؤسسية اللازمة لتطبيق مثل هذا النموذج.

رابعًا: التعويم المدار كخيار واقعي لليبيا

في ظل الأزمة المعقدة (Complex Crisis) التي تجمع بين هشاشة سياسية (Political Fragility)، ضعف مؤسسي (Institutional Weakness)، واعتماد شبه مطلق على النفط (Oil Dependency)، يصبح خيار التعويم المدار (Managed Float) أكثر ملاءمة من أي بديل آخر.

1. لماذا التعويم المدار أفضل من التعويم الكامل أو الربط الصارم؟

• التعويم الكامل (Full Float) في اقتصاد هش كليبيا سيؤدي إلى انفلات في الأسعار (Price Instability)، تضخم مرتفع (Hyperinflation Risk)، وانخفاض القوة الشرائية للمواطنين بشكل كارثي.

• الربط الصارم (Fixed Peg) سيؤدي إلى استنزاف الاحتياطيات (Reserves Depletion) ويغذي السوق السوداء مجددًا.

• التعويم المدار (Managed Float) يقدم حلاً وسطًا (Middle Ground): يسمح بالمرونة (Flexibility) في تحديد السعر وفق العرض والطلب، لكن مع تدخل المصرف المركزي (Central Bank Intervention) عند الضرورة لتفادي التقلبات العنيفة (Excessive Volatility).

2. المزايا المباشرة للتعويم المدار:

• تقليص الفجوة بين السعر الرسمي والسوق الموازية.

• خفض الضغط على الاحتياطيات الأجنبية.

• تعزيز ثقة السوق (Market Confidence) إذا اقترن بالشفافية.

• مرونة أكبر في امتصاص الصدمات الخارجية.

3. ضرورة شبكة حماية اجتماعية (Social Safety Net):

أي تغيير في نظام سعر الصرف سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار (Inflationary Pressure)، خصوصًا أسعار السلع المستوردة. لذلك لا يمكن الحديث عن تعويم مدار فعال دون موازاته بإنشاء شبكة حماية اجتماعية فعالة تشمل:

• دعم نقدي مباشر (Direct Cash Transfers) للأسر الأكثر تضررًا.

• دعم موجه للسلع الأساسية (Targeted Subsidies).

• توسيع برامج التأمين الصحي والاجتماعي (Health & Social Insurance).

• سياسات نشطة للتوظيف (Active Labor Market Policies) لخلق بدائل حقيقية للدخل.

بهذا الشكل، يصبح التعويم المدار ليس مجرد خيار نقدي تقني، بل خطة إصلاح متكاملة (Integrated Reform Plan) تربط بين السياسة النقدية، السياسة المالية، والسياسات الاجتماعية.

الوضع الليبي يُمثل حالة معقدة (Complex Case) حيث الأزمة الاقتصادية لا يمكن فصلها عن الانقسام السياسي والضعف المؤسسي. إن خيار التعويم الكامل يحمل مخاطر تضخمية وانهيارًا للقوة الشرائية، بينما الربط الصارم غير واقعي في ظل محدودية الاحتياطيات والتزامات الإنفاق المرتفعة. لذا، يبرز التعويم المدار كخيار أكثر واقعية وملاءمة (Pragmatic & Realistic Option) لتحقيق التوازن بين الاستقرار النقدي ومرونة السوق.

لكن نجاح هذا التوجه يتطلب شرطين أساسيين:

1. إصلاح هيكلي تدريجي (Gradual Structural Reform) يعيد بناء الثقة بالمؤسسات المصرفية ويعزز استقلالية المصرف المركزي.

2. إنشاء شبكة حماية اجتماعية (Social Safety Net) قوية تضمن أن تكلفة الإصلاح النقدي لا يتحملها الفقراء وحدهم، بل يتم توزيعها بشكل عادل يحمي السلم الاجتماعي ويعزز القبول الشعبي للإصلاحات.

وبدون الجمع بين التعويم المدار والحماية الاجتماعية، ستظل السياسة النقدية الليبية محدودة الفاعلية وغير قادرة على معالجة جذور الأزمة المعقدة.

نقاش اقتصادي واختلاف وجهات النظر بين “امراجع غيث وحسني بي” حول سعر الصرف ومسببات التهريب في ليبيا

قال وكيل وزارة المالية وعضو مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي السابق “امراجع غيث” إنه مع تثبيت سعر الصرف من قبل مصرف ليبيا المركزي وليس مع ترك الأمر للسوق السوداء، مشيرا إلى هناك تأثير لتهريب الدولارات التي تأتي من بيع النفط إلى الخارج من خلال الاعتمادات والبطاقات على سعر الصرف.

من جهته يرى رجل الأعمال “حسني بي” بأن سعر صرف الدولار الحقيقي هو سعر السوق، مذكرا بأنه عندما كان سعر الدولار في المصرف بـ”30 قرش” وصل في السوق إلى 3.85 دينار، ولما كان في المصرف المركزي بـ1.40 دينار، وصل سعر الدولار في السوق إلى 15 دينار بالصك.

واستطرد “امراجع غيث” قائلا إن سعر الصرف في دول مثل الأردن والبحرين والإمارات والسعودية وغيرها سعر الصرف ثابت، والإجراء الصحيح هو تقليل الإنفاق العام، مشددا على أن المصرف المركزي ليس مسؤولا عن الإنفاق الحكومي سواء عندها عجز أو فائض، وليس ملزما بتمويل الحكومة وفقا للقانون.

ورد “حسني بي” بأن المشكلة ليست في سعر الصرف في حد ذاته وإنما في كيف يتم إدارة الإيرادات دون عجز، والإخفاق في ليبيا هو في وجود عجز بالميزانية، وتمويل ميزانية نقدية من خلال خلق أموال جديدة، مؤكدا أن سعر صرف الدولار ليس مهما أن يكون 5 أو 6 أو 7 دينار، ولكن يجب أن يغطي ما نسبته 93% من الإنفاق العام.

وأضاف أنا كتاجر يهمني أن يكون سعر الصرف 1.40 وليس بأكثر، والرابح من زيادة سعر الصرف الرسمي هي الحكومة التي تبيع في الدولارات، مشيرا بأننا نملك دخل يومي 100 مليون دولار من بيع النفط، نعطوا فيه لـ 100 ألف شخص بسعر 6.20 وكنا نعطوا فيه 1.40، وبالمقابل يشتري باقي الليبيين “8.6 مليون مواطن” هذه الدولارات التي بعناها بـ7.44 دينار، وهذا يعني أننا أغنينا الـ100 ألف شخص وأفقرنا باقي الليبيين.

وحذر “امراجع غيث” من تهريب العملة خصوصا في ظل تفشي الفساد في الاعتمادات وبطاقات الأغراض الشخصية، مشددا على ضرورة محاربة السوق السوداء والحد منها، وتحديد السعر الذي يخدم المواطن لأن الدولارات هي أموال النفط وهي لكل الليبيين.

وقال “حسني بي”: أنا أطالب بأي طريقة أخرى إلا ما هي قائمة حاليا، سواء أكانت تعويم مدار أو تعويم نسبي أن أي نوع من التعويم، أما السعر الرسمي الثابت فهو “كذبة” و”سرقة مشرعنة”، والاستمرار فيما هو قائم حاليا هو سرقة لليبيين لإغناء 100 ألف شخص.

وفيما يتعلق بإلغاء الضريبة المفروضة على بيع النقد الأجنبي؛ قال “امراجع غيث” بأنه يجب إلغاء الضريبة دون شك، سواء من الناحية المعيشية للمواطن أو من ناحية ضرورة تطبيق أحكام القضاء التي صدرت بإلغاء الضريبة ويجب تنفيذها.

بالمقابل قال “حسني بي” بأنه حتى لو تم إلغاء الضريبة فإنه سيتم تخفيض سعر الصرف الدينار الليبي مجددا، لأن سعر الصرف مربوط بتغطية 93% من الإنفاق العام من خلال إيرادات النفط الموردة لمصرف ليبيا المركزي، ولم يتم ذلك سنخلق تضخم وزيادة فارق سعر الصرف بين الرسمي والموازي، وسيؤدي ذلك لزيادة الطلب على الدولار ونتجه للفشل.

“حسني بي”: شهادات الإيداع فرصة تثقيف بديل لتمويل القطاع الخاص.. هدف “المركزي” الأول تقليص الفجوة السعرية والحد من المضاربة

كتب: رجل الأعمال / حسني بي

يعتمد نجاح أو فشل قرار مجلس إدارة المصرف المركزي بشأن إصدار شهادات إيداع بقيمة 15 مليار دينار بنسبة 7.5% للمصارف و6.5% للمستثمرين؛ على عدة عوامل أساسية ومؤثرة ..

رغم التحديات؛ تعتبر شهادات الإيداع التي أعلن عنها مصرف ليبيا المركزي، من خلال طرح قيمة 15 مليار دينار، خطوة هامة وتحول واجب في إطار تعزيز الاستقرار النقدي والمالي والاقتصادي في البلاد، والأهم قبول الفكرة لتمويل عام وخاص من قبل أموال راكدة.

بالمرحلة الحالية الهدف غير المعلن من إصدار الشهادات هو تقليص عرض النقود، الذي يتجاوز بنهاية أغسطس من هذا العام 170 مليار دينار، وهذه القيمة المطروحة تمثل نسبة 8.70% من إجمالي عرض النقود.

حسب اعتقادي الهدف تقليص الفجوة السعرية بين “الرسمي و السوق” بنسبة تتعدى 10%. ومع ذلك، فإن تأثير هذه الشهادات على سعر الصرف أو فشلها مرهون بعدة عوامل، أهمها قوة أو ضعف الدينار الليبي والذي يحدده الإنفاق العام “فائضًا أو عجزًا”.

قوة الدينار ترجع بالدرجة الأولى على قوة الاقتصاد، ولا يتحقق من خلال ارتفاع الاحتياطيات بالعملة الصعبة أو الذهب، “حسب اعتقاد الأغلبية بليبيا”. فقوة الدينار تعتمد على عدة عوامل رئيسية منها :

  • توازن الإيرادات والإنفاق العام بالميزانية، ولتحقيق نحاح خطة المركزي يجب تحقيق توازن بين الإيرادات والنفقات العامة، مع التزام “المركزي” بعدم تمويل نقدي لأي عجز، إن أخلت الحكومات بالتزاماتها من خلال تحقيق توازن بالميزانية العامة، شرط أساسي “صفر عجز” أو “توازن كامل بالميزانية”. العجز بالميزانية وتمويل المصرف المركزي للعجز نقديا يمثل المحرك الأكبر لارتفاع معدلات التضخم.
  • مقدار عرض النقود في السوق: تشير التقارير إلى أن إجمالي عرض النقود انخفض بمقدار 9 مليارات دينار (5%) منذ نهاية 2024 حتى نهاية أغسطس 2025. هذا الانخفاض يعكس تراجع السيولة النقدية المتاحة في السوق. للعلم ارتفع عرض النقود بمقدار 32 مليار خلال الفترة من يناير 2023 و حتى مارس 2024 مما تسبب في نمو الطلب على الدولار .

أصدر مصرف ليبيا المركزي منشورا في شهر أغسطس ألزم بموجبه المصارف التجارية بعدم خلق الأموال من خلال الاقتراض الثانوي للمؤسسات (دون الأفراد).

  • عوامل خارجية، مثل مردود صافي إيراد بأسواق المال للعملات الأجنبية الأخرى، حيث تتأثر جاذبية وتحريك الأموال بمردود شهادات إيداع منافسة ومقارنة بمردود أسواق حرة منافسة ومردودها مثل الدولار واليورو وغيرها بدول الجوار.

الأكيد أن من أهداف إصدار شهادات الإيداع؛ سحب الأموال (الدينارات) من إجمالي عرض النقود، لتحقيق إعادة التوازن بين المعروض النقدي من الدينارات والطلب على العملات الأجنبية من دولارات أو غيرها، حيث أن الفجوة السعرية الحالية تتعدى 20% “فارق السعر بين الرسمي والموازي”، والذي بسببه تنشط المضاربة على الدولار.

  • فرص أخرى داعمة للنجاح :
    طرح بيع بمزادات علنية أسبوعية لكميات من الدولارات، مما يضغط على تقليل وتحجيم المضاربة، على ألا يمنح أكثر من 20% من القيمة المطروحة من الدولارت إلى أعلى عارض، وعلى أن توزع باقي الكمية 80% بالتساوي بين كل من يرغب الشراء بالسعر الأعلى.

لذا، يبقى السؤال الأهم تحديد آلية للتحجيم لغرض القضاء على المضاربة؟

  • الحل يكمن في تنفيذ مزادات علنية دورية لقيم دولارات ما بين 50 و150 ألف دولار كل أسبوع، أو حتى أكثر من مرة بالأسبوع، هذا الإجراء سيسهم في تخفيض عرض النقود وتحجيم ربح المضاربة وتقليص القاعدة النقدية وأهمها تقليص الفجوة السعرية بين الرسمي والموازي إلى حد أقصى 5%، نسبة تعزز استقرار وتقوية الدينار الليبي.

“ميلاد حويو”: إذا طبقنا خطة “حسني بي” بشأن توزيع إيرادات فارق سعر الصرف ستتحصل كل أسرة ليبية على 1694 دينار شهرياً

كتب: الخبير الاقتصادي “ميلاد حويو”

يقول رجل الأعمال حسني بي: أكبر عدو هو “فارق السعر”، إيرادات رفع السعر ممكن إعادة توزيعها من خلال رفع علاوات الأطفال والزوجة والبنات فوق سن الثامنة عشرة، الأفضل التوزيع على 1.5 مليون أسرة من أن يستفاد بهم القلة.

لنشرح ذلك حسب وجهة نظري:

خلينا نحسبها خطوة خطوة ونوضحها للجميع:

1️⃣ الإيرادات الناتجة عن فارق السعر:
• اعتمادات دولارية (12 مليار دولار) × فرق 1.55 دينار/لكل دولار = 18.6 مليار دينار.
• أغراض شخصية (8 مليار دولار) × فرق 1.55 دينار/لكل دولار = 12.4 مليار دينار.
المجموع الكلي: 18.6 + 12.4 ≈ 30.5 مليار دينار.

2️⃣ عدد الأسر والفائدة السنوية:
• عدد الأسر: 1.5 مليون أسرة.
• إجمالي المبلغ المخصص: 30.5 مليار دينار.
المعدل السنوي لكل أسرة:
30,500,000,000 ÷ 1,500,000 ≈ 20,333 دينار سنوياً لكل أسرة.
نحولها إلى تقسيم شهري:
20,333 ÷ 12 ≈ 1,694 دينار شهرياً لكل أسرة.

3️⃣ توزيع النسبة المقترحة (60% أسرة + 30% زوجة/أبناء + 10% صندوق المرأة/برامج).
• 60% للأسرة مباشرة:
1,694 × 60% ≈ 1,016 دينار شهرياً لكل أسرة.
• 30% زوجة/أبناء (علاوة للأطفال والزوجة):
1,694 × 30% ≈ 508 دينار شهرياً.
• 10% صندوق المرأة/برامج:
1,694 × 10% ≈ 170 دينار شهرياً.

النتيجة العملية:
إذا طبقنا هذه الخطة:
• كل أسرة تحصل على 1,016 دينار شهرياً كدخل ثابت.
• لكل أسرة أيضًا 508 دينار شهرياً مخصصة لدعم الزوجة والأبناء.
• و170 دينار شهرياً لصندوق المرأة والبنات (تعليم وصحة وتمكين).
يعني أن كل أسرة تحصل تقريباً 1,694 دينار شهرياً، بدون أن يستفيد منها القلة، وتعم الفائدة على 1.5 مليون أسرة!!

“ميلاد حويو”: حل مشكلة سعر الصرف يجب أن يكون بإصلاح تدريجي يبدأ بتوحيد الحكومة وضبط الإنفاق العام

كتب: ميلاد حويو/ خبير مصرفي

الجدل بخصوص سعر الصرف وتثبيته من عدمه؛ واضح بين مدرستين مختلفتين:

“د.أبوسنينة” يميل للحذر، ويرى أن أي تغيير جذري في سعر الصرف قبل وجود حكومة موحدة وانتهاء الانقسام سيولّد فوضى أكبر.!!

“حسني بي” يرى أن المشكلة نفسها في النظام الثابت، ويعتبره “سرقة مشرعنة” يستفيدوا منها قلة على حساب المواطن، ويطالب بآليات أكثر مرونة.

بصراحة كلام الطرفين فيه نقاط قوة ونقاط ضعف.. “أبوسنينة” يحذر من التعويم لأن الظروف الحالية ليست مهيأة، والانقسام والمؤسسات الموازية فعلاً يجعل أي خطوة جريئة مغامرة خطيرة.

لكن من جهة أخرى؛ “حسني بي” لديه الحق عندما يقول أن نظام الصرف الحالي لم يأت سوى بالتشوهات وفوارق ضخمة استغلتها فئة معينة، والشعب هو الذي دفع الثمن.

الحل ليس في الجمود ولا في المغامرة العشوائية، وإنما يكمن في إصلاح تدريجي ومدروس، يبدأ أولاً بتوحيد الحكومة وضبط الإنفاق العام، وبعدها يفتح نقاش حقيقي على بدائل أكثر مرونة تخدم المواطن وتمنع السوق السوداء من التحكم في رقاب الناس.!!

بين رأييْ “أبوسنينة وحسني بي” .. “عمران الشائبي”: التعويم المُدار هو الخيار الأمثل لإدارة سعر الصرف في ليبيا

كتب: د.عمران الشائبي/ الخبير المصرفي

في سياق إدارة سعر الصرف في بيئة نفطية، يبرز جدل بين رأيين:

رأي “الاستقرار أولاً” لـ (د. محمد أبوسنينة): يرى أن أي تغيير سريع لسعر الصرف الحالي سيُفاقم الأزمات القائمة.

ورأي “تفكيك التشوّهات” للسيد (حسني بي): يعتبر أن السعر الحالي الثابت وغير الواقعي يخلُق فسادًا، ويجب استبداله بنظام مرن على الفور.

تحليل الوضع الحالي
تسيطر ليبيا على سوق النقد الأجنبي، ما يخلق فرقًا كبيرًا بين السعر الرسمي والسعر في السوق الموازية. هذا الفرق يولد ريعًا (ربحًا غير مستحق)، يذهب لمن لديهم وصول مميز للعملة الأجنبية. السياسة الحالية تؤدي لتضخم مستورد ونقص في الشفافية.

تقييم الرأيين
“د. أبوسنينة”: محق في تحذيره من مخاطر التعويم الكامل في بيئة غير مستقرة، ومطالبته بالانضباط المالي والشفافية. لكنه يغفل أن التثبيت الحالي يعمق الفساد ويُقوّض هدف الاستقرار نفسه.

“حسني بي”: محق في تشخيصه للفساد والريع الناتج عن فرق السعر، ودعوته للشفافية. لكنه قد يبالغ في التوصية بالتعويم الحر دون إطار حماية، ما قد يؤدي لتضخم مفرط.

برنامج عملي مُقترح
الخيار الأمثل ليس التثبيت الجامد ولا التعويم الحر، بل هو “التعويم المُدار” ضمن نطاق محدد. يهدف هذا الحل إلى توحيد سعر الصرف وإلغاء “الريوع”، بالتزامن مع انضباط مالي.

أهداف البرنامج:
توحيد السعر: إطلاق مزادات عملة أجنبية يومية شفافة بسعر واحد، وإلغاء الأسعار المتعددة.
حماية اجتماعية: توفير تحويلات نقدية مؤقتة للأسر الأكثر احتياجًا لامتصاص أي ارتفاع في الأسعار.
انضباط مالي: توحيد إيرادات النفط في حساب واحد، وعدم اللجوء إلى الاقتراض لتمويل العجز.
تعميق السوق: تفعيل الأدوات النقدية والرقابة على التجارة لتقليل التلاعب.

مؤشرات النجاح:
تقليص الفجوة بين السعر الرسمي والموازي إلى أقل من 2%.
اختفاء الطوابير ونقص العملة.
استقرار التضخم.
وجود احتياطيات تغطي واردات 8-12 شهرًا.

نستطيع أن نقول: لا للاستمرار في التثبيت الجامد الذي يولد فسادًا وريعًا. ولا للتعويم الحر المفاجئ الذي يسبب تقلبًا وتضخمًا مفرطًا.

نعم لـ”التعويم المُدار” الذي يوحد السعر من خلال مزادات شفافة، مع انضباط مالي، وحماية اجتماعية مؤقتة. هذا المسار يجمع بين حذر “د. أبوسنينة” ودعوة “حسني بي” للشفافية، ويحوّل الربح من فرق السعر إلى إيراد عام بدلاً من كونه “غنيمة” خاصة.

“الهادي عبدالقادر” يقدم رؤية استشرافية للإصلاح الاقتصادي في ليبيا بناءً على “تجربة الجهيمي ورؤى أبوسنينة وحسني بي”

كتب: الهادي عبد القادر/ مستشار الشؤون العامة لوزارة الاستثمار بالحكومة الليبية

دعنا بداية نحلل النقاش الاقتصادي الحيوي بين الدكتور “محمد أبوسنينة” ورجل الأعمال “حسني بي” بشكل معمق واستشرافي، مع وضع آراء الطرفين في إطار السياسات النقدية التاريخية والحالية لمصرف ليبيا المركزي.

تحليل معمق للنقاش بين “أبوسنينة” و”حسني بي”

يمثل هذا النقاش تجسيدًا للصراع الكلاسيكي بين مدرستين اقتصاديتين: مدرسة الاستقرار والحذر (التي يمثلها الدكتور محمد أبوسنينة وتستند إلى إرث العنيزي والرمرام) ومدرسة الإصلاح والتغيير الجذري (التي يمثلها رجل الأعمال حسني بي).

1. تحليل موقف الدكتور محمد أبوسنينة (تمثيل سياسات المصرف المركزي التقليدية)

يدافع “أبوسنينة” عن سياسة سعر الصرف الثابت، وهو الموقف الرسمي التقليدي لمصرف ليبيا المركزي الذي أسس له الدكتور “علي نورالدين العنيزي” وطوره السيد “علي الرمرام”. يمكن تفكيك حجته على النحو التالي:

· أسس الحجة: تقوم حجته على مبدأ “استقرار الاستقرار” في بيئة غير مستقرة. وهو يرى أن النظام الحالي، رغم عيوبه، يمثل مرساة تمنع انهيارًا كاملاً في ظل غياب الشروط الأساسية للإصلاح.
· المخاوف الأساسية:
· فقدان السيطرة: يعتبر أن تعويم الدينار أو تفويض الأمر لشركات الصرافة سيفقد المصرف المركزي “زمام المبادرة” ويجعله رهينة لتقلبات السوق والمضاربة.
· تفاقم عدم الاستقرار: يرى أن أي تغيير في نظام الصرف في الوقت الراهن لن يكون “تعويمًا” بالمعنى الاقتصادي السليم، بل سيتحول إلى “انفلات” يؤدي إلى مزيد من التضخم وانهيار في القوة الشرائية للدينار، مما يضر بالمواطن العادي أولاً.
· الشروط المسبقة للإصلاح (الرؤية الاستشرافية): يقدم “أبوسنينة” رؤية واضحة للمرحلة التي يمكن فيها مراجعة نظام الصرف، وهي مرحلة الاستقرار المؤسسي والأمني والسياسي. بمعنى آخر، هو لا يرفض الإصلاح مطلقًا، بل يرفض توقيته الحالي. ويشترط:
1. وجود حكومة موحدة.
2. تحويل كامل إيرادات النفط إلى المصرف المركزي.
3. سيطرة تامة للمصرف على العملة الصعبة.
4. بيئة تشريعية مستقرة.
5. انضباط مالي (الإنفاق في حدود الموارد دون عجز).
· التقييم: موقفه حذر ومحافظ ويمثل النهج التقليدي في إدارة الأزمات: عدم المخاطرة بما تبقى من استقرار في ظل أوضاع هشة. وهو ينبع من خوف حقيقي من أن يؤدي أي خطأ إلى كارثة يصعب إصلاحها.

2. تحليل موقف رجل الأعمال حسني بي (تمثيل مدرسة الإصلاح الجذري)

يهاجم “حسني بي” النظام القائم هجومًا مباشرًا ويسلط الضوء على ثغراته الهيكلية، معتبرًا إياه “سرقة مشرعنة”. حجته قائمة على تحليل كمي وسرد مختلف تمامًا للقصة.

· أسس الحجة: تقوم حجته على الكفاءة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية. وهو ينظر إلى نظام الصرف الثابت ليس كأداة للاستقرار، بل كأداة لإعادة توزيع الثروة بشكل غير عادل.
· التحليل الكمي (نموذج حسني بي): هذه هي القوة الرئيسية لحجته، حيث قدم أرقامًا مذهلة:
· الإيراد اليومي من النفط والغاز: 100 مليون دولار.
· عدد المستفيدين الفعليين من الدولار الرسمي: مليون ليبي (كحد أقصى، وهم عادةً من لديهم نفوذ أو علاقات).
· الإيراد بالدينار بالسعر الرسمي: 622 مليون د.ل (حسب سعره المفترض).
· القيمة الحقيقية للريع (بحساب الفارق مع السوق الموازي): 744 مليون د.ل.
· الخسارة/الغنيمة اليومية: 122 مليون د.ل.
· الغنيمة السنوية: 44.5 مليار د.ل.
· التفسير: يرى “بي” أن هذا الفارق الهائل هو “غنيمة” تُمنح لمتلقي الدولار بالسعر الرسمي (المستوردون الكبار، ذوو النفوذ) على حساب الشعب ككل (8.6 مليون نسمة) الذي يدفع لاحقًا ثمن البضائع المستوردة بناءً على القيمة الحقيقية للدولار.
· حلول مقترحة: لا يطالب بالتعويم الكامل فقط، بل يقدم خيارات مرنة مثل “سعر مدار” أو “سعر مدعوم جزئيًا” أو “نطاق تحرك”، مما يدل على فهمه لتعقيدات الموضوع وليس مجرد الدعوة لإلغاء النظام.
· التقييم: موقفه جذري وإصلاحي ويكشف عن خلل هيكلي فادح في النظام الحالي. هو لا يرى في المصرف المركزي حاميًا للاستقرار، بل مشغلًا لـ”لعبة” يتحكم بكل أوراقها ويصر على قاعدة (قواعد) فاشلة. نقده موجه للاقتصاد السياسي للنظام وليس للجوانب التقنية فحسب.

لماذا الابتعاد عن سياسات المصرف المركزي التقليدية؟ (رؤية استشرافية)

بناءً على هذا التحليل، يمكن طرح الحجج لصالح الابتعاد عن النموذج التقليدي الذي يمثله “أبوسنينة”:

1. الفشل في تحقيق الاستقرار الحقيقي: النظام الحالي لم يحقق الاستقرار إلا على الورق. لقد أنشأ اقتصادًا مزدوجًا: اقتصاد رسمي بأسعار وهمية واقتصاد موازي (السوق السوداء) يعكس القيمة الحقيقية. هذا الانفصام هو بحد ذاته أكبر مصدر لعدم الاستقرار والفساد.
2. استنزاف المالية العامة: نموذج “حسني بي” الكمي يظهر بشكل صارخ كيف أن النظام يستهلك مليارات الدينارات سنويًا كـ”فرق سعر” بدلاً من أن تذهب إلى الخزينة العامة لتمويل خدمات الصحة والتعليم والبنية التحتية للشعب بكامله.
3. تغذية الفساد واقتصاد الريع: النظام الحالي هو البيئة المثالية لفساد “الريع”. فالحصول على دولار بسعر رسمي يصبح في حد ذاته مربحًا، مما يحول نشاط الطبقة التجارية من الإنتاج والابتكار إلى المضاربة والبحث عن ريع العملة.
4. فقدان السيادة النقدية فعليًا: على عكس حجة “أبوسنينة”، فإن الإصرار على ربط غير واقعي يفقد المصرف المركزي سيطرته الحقيقية على السياسة النقدية. يصبح دوره رد فعل (الدفاع عن سعر ثابت) بدلاً من فعل (توجيه الاقتصاد عبر أدوات نقدية فعالة مثل أسعار الفائدة).
5. العزلة عن الاقتصاد العالمي: يشوه سعر الصرف الثابت غير المناسب إشارات السوق، مما يؤدي إلى تشويهات كبيرة في الميزان التجاري (استيراد مفرط، وتثبيط للتصنيع المحلي والتصدير غير النفطي).

الخلاصة والرؤية الاستشرافية

النقاش ليس بين “صحيح” و “خاطئ” تمامًا. لكل طرف مبرراته في التوقيت الحالي.

· “أبوسنينة” محق في المخاطر قصيرة الأجل للتغيير في فراغ مؤسسي. تحذيره من انهيار سريع وقوعه ممكن.
· “حسني بي” محق في الآثار المدمرة طويلة الأجل واستحالة تحقيق تنمية حقيقية under the current system. كشفه للثمن الباهظ الذي يدفعه الاقتصاد والمجتمع هو الأهم.

الرؤية الاستشرافية: الطريق الأمثل هو مسار وسطي إصلاحي تدريجي، وليس القفز إلى تعويم كامل أو التمسك بالجمود. يمكن أن يشمل هذا المسار:

1. اعتماد سعر صرف مرن مدرج (Crawling Peg أو Managed Float) كمرحلة انتقالية، حيث يسمح للدينار بالتعديل تدريجيًا نحو قيمته الحقيقية تحت سيطرة المصرف المركزي، مما يقلص فارق السوق السوداء دون صدمة.
2. إصلاح نظام توزيع العملة لجعله أكثر شفافية وعدالة، ربما من خلال منصات إلكترونية تخفض الفساد وتوسع قاعدة المستفيدين.
3. ربط أي إصلاح نقدي بإصلاح مالي جذري (كما أشار أبوسنينة) لخفض العجز وضبط الإنفاق، لأن إصلاح سعر الصرف دون إصلاح مالي مصيره الفشل.
4. بناء الاحتياطيات الأجنبية في فترة سعر النفط المرتفع الحالية لخلق “وسادة” تحمي الاقتصاد أثناء فترة الانتقال.

في النهاية، إرث الدكتور “العنيزي” والسيد “الرمرام” كان مناسبًا لسياق زمني مختلف. التحدي الحالي هو “تطوير” هذا الإرث وليس التمسك الحرفي به. التغيير أصبح حتميًا، والسؤال ليس إذا يجب التغيير، بل كيف و متى يتم ذلك بطريقة تقليل المخاطر وتعظيم الفوائد للشعب الليبي ككل، وليس لفئة محدودة.

وهناك استدعاء تاريخي في غاية الأهمية. دعنا ندمج محاولة الدكتور “الطاهر الجهيمي” الإصلاحية في 2003 ضمن الإطار الشامل، لنبني رؤية استشرافية متكاملة تستفيد من دروس الماضي وتتطلع لمستقبل أفضل.

محاولة الدكتور الطاهر الجهيمي (2003): الدروس المستفادة

محاولة الجهيمي كانت جراحية وجريئة وتهدف إلى تصحيح التشوهات في نظام الصرف آنذاك. نقاطه الست (بما فيها القضاء على السوق الموازي) كانت تسعى لـ “تعويم مدروس” مبكر. فشلها يعلمنا درسين أساسيين:

1. الدرس الأول (مؤيد لأبوسنينة): الإصلاح النقدي المنعزل وغير المصحوب بإصلاحات مؤسسية وسياسية موازي (بالتوازي) محكوم عليه بالفشل. البيئة غير المستقرة تلتهم أي إصلاح جذري.
2. الدرس الثاني (مؤيد لحسني بي): التأخير في الإصلاح يزيد من تعمق التشوهات وتضخم “الغنيمة” (التي أصبحت 44.5 مليار دينار الآن مقابل رقم أقل في 2003)، مما يجعل عملية الإصلاح لاحقًا أكثر تعقيدًا وخطورة.

رؤية استشرافية متكاملة: إطار الإصلاح الوطني الشامل

بناءً على تجربة الجهيمي ورؤى أبوسنينة وحسني بي، يمكن صياغة رؤية على ثلاثة مستويات متكاملة:

المستوى 1: الإصلاح النقدي والمالي (الدمج بين الرؤيتين)

هذا هو المستوى التشغيلي، ويتم فيه تطبيق الجدول الزمني المرحلي المذكور سابقاً (التحضير، الانتقال التدريجي، التعويم المدار)، ولكن مع تعديل طموح الهدف النهائي:

· الهدف ليس “القضاء على السوق الموازي” (كما سعى الجهيمي) لأنه قد يكون طموحًا غير واقعي في بيئة مفتوحة.
· الهدف هو “توحيد سعر الصرف فعليًا” من خلال جعل السعر الرسمي جذابًا وقريبًا من السوق بحيث يفقد الأخير سببه للوجود، أو يصبح هامشيه ضئيلاً. السوق الموازي يموت وحده عندما يختفى سبب وجوده (الفارق الكبير بين السعرين).

المستوى 2: الإصلاح المؤسسي والحوكمة (شرط نجاح المستوى الأول)

هذا هو المستوى الذي غاب عن محاولة 2003 وهو جوهر رؤية أبوسنينة. لا معنى لأي إصلاح نقدي دون:

· حكومة موحدة ومشرعنة: لاتخاذ القرارات وتمرير القوانين.
· سيطرة كاملة على إيرادات النفط: كما طالب أبوسنينة، لضمان “الوسادة المالية”.
· استقلال حقيقي للمصرف المركزي: ليس استقلالاً عن السياسة فحسب، بل عن شبكات المصالح والفساد.
· منظومة رقابية قوية: (ديوان المحاسبة، الجهاز المركزي للرقابة المالية) لمراقبة توزيع العملة ومنع تحول الفارق إلى “غنيمة” مرة أخرى.

المستوى 3: الإصلاح الاقتصادي الهيكلي ( لتعظيم المكاسب للشعب)

هذا هو المستوى الذي يحقق رؤية “حسني بي” في تعظيم المكاسب وليس فقط منع الخسائر. الإصلاح النقدي الناجح يجب أن يفتح الباب أمام:

· تحويل “الغنيمة” المحولة (44.5 مليار دينار) إلى استثمارات منتجة: في البنية التحتية، الصحة، التعليم، والتمويل الأصغر للمشاريع الصغيرة. هذا هو “عائد السلامة” للشعب.
· تحفيز الاقتصاد الإنتاجي غير النفطي: سعر الصرف الواقعي يجعل التصدير والإنتاج المحلي مجديًا، فيتم إنشاء وظائف حقيقية بدلاً من اقتصاد الريع والمضاربة.
· خلق بيئة جاذبة للاستثمار الأجنبي المباشر: الاستقرار النقدي والمالي هو أهم عامل لجذب الاستثمارات التي تنقل التكنولوجيا وتخلق فرص العمل.

التوافق النهائي: تقليل المخاطر vs تعظيم المكاسب

عنصر الإصلاح كيف يقلل المخاطر (منظور أبوسنينة) كيف يعظم المكاسب (منظور حسني بي)
المرحلة التحضيرية (بناء الوسائد) يبني احتياطيات أجنبية وسيولة للتدخل وقت الأزمات. يحقق استقراراً مؤسسياً يمنع الانفلات. يخلق “رأس مال سياسي” وثقة عامة بجدية الإصلاح، مما يسهل قبول المراحل القادمة.
الإصلاح التدريجي (سعر مرن مدرج) يتجنب الصدمة المفاجئة للاقتصاد والمواطن، ويسمح بمراقبة الآثار وتعديل المسار. يبدأ فوراً في تقليص “فارق الغنيمة” ويوجه التدفقات تدريجياً نحو القنوات الرسمية الشفافة.
إصلاح نظام التوزيع (منصة إلكترونية) يمنع الفساد ويوفر بيانات دقيقة للمراقبة واتخاذ القرار (إدارة المخاطر بالبيانات). يضمن وصول العملة للمستحقين الحقيقيين (المستوردين للسلع الأساسية، المنتجين) وليس للمتلاعبين.
تحويل “الغنيمة” المحولة إلى استثمار يستثمر في تحسين مرونة المجتمع (صحة، تعليم) مما يجعله أكثر قدرة على امتصاص الصدمات المستقبلية. يحقق العدالة الاجتماعية المباشرة ويبني رأس المال البشري والمادي للجيل القادم، وهو أعظم مكسب.

الخلاصة: الرؤية الاستشرافية المتكاملة

الإصلاح الناجح هو عملية جراحية:

· تشخيص “حسني بي” هو الذي يحدد مكان المرض وضرورة العملية (الخلل الهيكلي وسرقة 44.5 مليار سنوياً).
· حكمة “أبوسنينة” هي التخدير الجراحي والمضادات الحيوية التي تمنع الصدمة والالتهاب (إدارة المخاطر والامتثال).
· مبادئ “الجهيمي” هي خطة العملية الجراحية الأولية التي قدمت خريطة طريق مبكرة.
· الرؤية المتكاملة هي فريق جراحي كامل ومستشفى مجهز (الإصلاح المؤسسي) لإجراء العملية في الوقت المناسب وبأقل مخاطر ممكنة.

النتيجة المتوقعة: وطن ذو “Z-Score” وطني مرتفع، يتمتع بسيادة نقدية حقيقية، واقتصاد منتج، ومجتمع عادل ومستقر، قادر على المشاركة الفاعلة في تنمية نفسه والإقليم من حوله. هذا هو أعلى درجات النضج الاقتصادي والسياسي.