Skip to main content

الوسم: سعر الصرف

“ميلاد حويو”: إذا طبقنا خطة “حسني بي” بشأن توزيع إيرادات فارق سعر الصرف ستتحصل كل أسرة ليبية على 1694 دينار شهرياً

كتب: الخبير الاقتصادي “ميلاد حويو”

يقول رجل الأعمال حسني بي: أكبر عدو هو “فارق السعر”، إيرادات رفع السعر ممكن إعادة توزيعها من خلال رفع علاوات الأطفال والزوجة والبنات فوق سن الثامنة عشرة، الأفضل التوزيع على 1.5 مليون أسرة من أن يستفاد بهم القلة.

لنشرح ذلك حسب وجهة نظري:

خلينا نحسبها خطوة خطوة ونوضحها للجميع:

1️⃣ الإيرادات الناتجة عن فارق السعر:
• اعتمادات دولارية (12 مليار دولار) × فرق 1.55 دينار/لكل دولار = 18.6 مليار دينار.
• أغراض شخصية (8 مليار دولار) × فرق 1.55 دينار/لكل دولار = 12.4 مليار دينار.
المجموع الكلي: 18.6 + 12.4 ≈ 30.5 مليار دينار.

2️⃣ عدد الأسر والفائدة السنوية:
• عدد الأسر: 1.5 مليون أسرة.
• إجمالي المبلغ المخصص: 30.5 مليار دينار.
المعدل السنوي لكل أسرة:
30,500,000,000 ÷ 1,500,000 ≈ 20,333 دينار سنوياً لكل أسرة.
نحولها إلى تقسيم شهري:
20,333 ÷ 12 ≈ 1,694 دينار شهرياً لكل أسرة.

3️⃣ توزيع النسبة المقترحة (60% أسرة + 30% زوجة/أبناء + 10% صندوق المرأة/برامج).
• 60% للأسرة مباشرة:
1,694 × 60% ≈ 1,016 دينار شهرياً لكل أسرة.
• 30% زوجة/أبناء (علاوة للأطفال والزوجة):
1,694 × 30% ≈ 508 دينار شهرياً.
• 10% صندوق المرأة/برامج:
1,694 × 10% ≈ 170 دينار شهرياً.

النتيجة العملية:
إذا طبقنا هذه الخطة:
• كل أسرة تحصل على 1,016 دينار شهرياً كدخل ثابت.
• لكل أسرة أيضًا 508 دينار شهرياً مخصصة لدعم الزوجة والأبناء.
• و170 دينار شهرياً لصندوق المرأة والبنات (تعليم وصحة وتمكين).
يعني أن كل أسرة تحصل تقريباً 1,694 دينار شهرياً، بدون أن يستفيد منها القلة، وتعم الفائدة على 1.5 مليون أسرة!!

“ميلاد حويو”: حل مشكلة سعر الصرف يجب أن يكون بإصلاح تدريجي يبدأ بتوحيد الحكومة وضبط الإنفاق العام

كتب: ميلاد حويو/ خبير مصرفي

الجدل بخصوص سعر الصرف وتثبيته من عدمه؛ واضح بين مدرستين مختلفتين:

“د.أبوسنينة” يميل للحذر، ويرى أن أي تغيير جذري في سعر الصرف قبل وجود حكومة موحدة وانتهاء الانقسام سيولّد فوضى أكبر.!!

“حسني بي” يرى أن المشكلة نفسها في النظام الثابت، ويعتبره “سرقة مشرعنة” يستفيدوا منها قلة على حساب المواطن، ويطالب بآليات أكثر مرونة.

بصراحة كلام الطرفين فيه نقاط قوة ونقاط ضعف.. “أبوسنينة” يحذر من التعويم لأن الظروف الحالية ليست مهيأة، والانقسام والمؤسسات الموازية فعلاً يجعل أي خطوة جريئة مغامرة خطيرة.

لكن من جهة أخرى؛ “حسني بي” لديه الحق عندما يقول أن نظام الصرف الحالي لم يأت سوى بالتشوهات وفوارق ضخمة استغلتها فئة معينة، والشعب هو الذي دفع الثمن.

الحل ليس في الجمود ولا في المغامرة العشوائية، وإنما يكمن في إصلاح تدريجي ومدروس، يبدأ أولاً بتوحيد الحكومة وضبط الإنفاق العام، وبعدها يفتح نقاش حقيقي على بدائل أكثر مرونة تخدم المواطن وتمنع السوق السوداء من التحكم في رقاب الناس.!!

بين رأييْ “أبوسنينة وحسني بي” .. “عمران الشائبي”: التعويم المُدار هو الخيار الأمثل لإدارة سعر الصرف في ليبيا

كتب: د.عمران الشائبي/ الخبير المصرفي

في سياق إدارة سعر الصرف في بيئة نفطية، يبرز جدل بين رأيين:

رأي “الاستقرار أولاً” لـ (د. محمد أبوسنينة): يرى أن أي تغيير سريع لسعر الصرف الحالي سيُفاقم الأزمات القائمة.

ورأي “تفكيك التشوّهات” للسيد (حسني بي): يعتبر أن السعر الحالي الثابت وغير الواقعي يخلُق فسادًا، ويجب استبداله بنظام مرن على الفور.

تحليل الوضع الحالي
تسيطر ليبيا على سوق النقد الأجنبي، ما يخلق فرقًا كبيرًا بين السعر الرسمي والسعر في السوق الموازية. هذا الفرق يولد ريعًا (ربحًا غير مستحق)، يذهب لمن لديهم وصول مميز للعملة الأجنبية. السياسة الحالية تؤدي لتضخم مستورد ونقص في الشفافية.

تقييم الرأيين
“د. أبوسنينة”: محق في تحذيره من مخاطر التعويم الكامل في بيئة غير مستقرة، ومطالبته بالانضباط المالي والشفافية. لكنه يغفل أن التثبيت الحالي يعمق الفساد ويُقوّض هدف الاستقرار نفسه.

“حسني بي”: محق في تشخيصه للفساد والريع الناتج عن فرق السعر، ودعوته للشفافية. لكنه قد يبالغ في التوصية بالتعويم الحر دون إطار حماية، ما قد يؤدي لتضخم مفرط.

برنامج عملي مُقترح
الخيار الأمثل ليس التثبيت الجامد ولا التعويم الحر، بل هو “التعويم المُدار” ضمن نطاق محدد. يهدف هذا الحل إلى توحيد سعر الصرف وإلغاء “الريوع”، بالتزامن مع انضباط مالي.

أهداف البرنامج:
توحيد السعر: إطلاق مزادات عملة أجنبية يومية شفافة بسعر واحد، وإلغاء الأسعار المتعددة.
حماية اجتماعية: توفير تحويلات نقدية مؤقتة للأسر الأكثر احتياجًا لامتصاص أي ارتفاع في الأسعار.
انضباط مالي: توحيد إيرادات النفط في حساب واحد، وعدم اللجوء إلى الاقتراض لتمويل العجز.
تعميق السوق: تفعيل الأدوات النقدية والرقابة على التجارة لتقليل التلاعب.

مؤشرات النجاح:
تقليص الفجوة بين السعر الرسمي والموازي إلى أقل من 2%.
اختفاء الطوابير ونقص العملة.
استقرار التضخم.
وجود احتياطيات تغطي واردات 8-12 شهرًا.

نستطيع أن نقول: لا للاستمرار في التثبيت الجامد الذي يولد فسادًا وريعًا. ولا للتعويم الحر المفاجئ الذي يسبب تقلبًا وتضخمًا مفرطًا.

نعم لـ”التعويم المُدار” الذي يوحد السعر من خلال مزادات شفافة، مع انضباط مالي، وحماية اجتماعية مؤقتة. هذا المسار يجمع بين حذر “د. أبوسنينة” ودعوة “حسني بي” للشفافية، ويحوّل الربح من فرق السعر إلى إيراد عام بدلاً من كونه “غنيمة” خاصة.

“الهادي عبدالقادر” يقدم رؤية استشرافية للإصلاح الاقتصادي في ليبيا بناءً على “تجربة الجهيمي ورؤى أبوسنينة وحسني بي”

كتب: الهادي عبد القادر/ مستشار الشؤون العامة لوزارة الاستثمار بالحكومة الليبية

دعنا بداية نحلل النقاش الاقتصادي الحيوي بين الدكتور “محمد أبوسنينة” ورجل الأعمال “حسني بي” بشكل معمق واستشرافي، مع وضع آراء الطرفين في إطار السياسات النقدية التاريخية والحالية لمصرف ليبيا المركزي.

تحليل معمق للنقاش بين “أبوسنينة” و”حسني بي”

يمثل هذا النقاش تجسيدًا للصراع الكلاسيكي بين مدرستين اقتصاديتين: مدرسة الاستقرار والحذر (التي يمثلها الدكتور محمد أبوسنينة وتستند إلى إرث العنيزي والرمرام) ومدرسة الإصلاح والتغيير الجذري (التي يمثلها رجل الأعمال حسني بي).

1. تحليل موقف الدكتور محمد أبوسنينة (تمثيل سياسات المصرف المركزي التقليدية)

يدافع “أبوسنينة” عن سياسة سعر الصرف الثابت، وهو الموقف الرسمي التقليدي لمصرف ليبيا المركزي الذي أسس له الدكتور “علي نورالدين العنيزي” وطوره السيد “علي الرمرام”. يمكن تفكيك حجته على النحو التالي:

· أسس الحجة: تقوم حجته على مبدأ “استقرار الاستقرار” في بيئة غير مستقرة. وهو يرى أن النظام الحالي، رغم عيوبه، يمثل مرساة تمنع انهيارًا كاملاً في ظل غياب الشروط الأساسية للإصلاح.
· المخاوف الأساسية:
· فقدان السيطرة: يعتبر أن تعويم الدينار أو تفويض الأمر لشركات الصرافة سيفقد المصرف المركزي “زمام المبادرة” ويجعله رهينة لتقلبات السوق والمضاربة.
· تفاقم عدم الاستقرار: يرى أن أي تغيير في نظام الصرف في الوقت الراهن لن يكون “تعويمًا” بالمعنى الاقتصادي السليم، بل سيتحول إلى “انفلات” يؤدي إلى مزيد من التضخم وانهيار في القوة الشرائية للدينار، مما يضر بالمواطن العادي أولاً.
· الشروط المسبقة للإصلاح (الرؤية الاستشرافية): يقدم “أبوسنينة” رؤية واضحة للمرحلة التي يمكن فيها مراجعة نظام الصرف، وهي مرحلة الاستقرار المؤسسي والأمني والسياسي. بمعنى آخر، هو لا يرفض الإصلاح مطلقًا، بل يرفض توقيته الحالي. ويشترط:
1. وجود حكومة موحدة.
2. تحويل كامل إيرادات النفط إلى المصرف المركزي.
3. سيطرة تامة للمصرف على العملة الصعبة.
4. بيئة تشريعية مستقرة.
5. انضباط مالي (الإنفاق في حدود الموارد دون عجز).
· التقييم: موقفه حذر ومحافظ ويمثل النهج التقليدي في إدارة الأزمات: عدم المخاطرة بما تبقى من استقرار في ظل أوضاع هشة. وهو ينبع من خوف حقيقي من أن يؤدي أي خطأ إلى كارثة يصعب إصلاحها.

2. تحليل موقف رجل الأعمال حسني بي (تمثيل مدرسة الإصلاح الجذري)

يهاجم “حسني بي” النظام القائم هجومًا مباشرًا ويسلط الضوء على ثغراته الهيكلية، معتبرًا إياه “سرقة مشرعنة”. حجته قائمة على تحليل كمي وسرد مختلف تمامًا للقصة.

· أسس الحجة: تقوم حجته على الكفاءة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية. وهو ينظر إلى نظام الصرف الثابت ليس كأداة للاستقرار، بل كأداة لإعادة توزيع الثروة بشكل غير عادل.
· التحليل الكمي (نموذج حسني بي): هذه هي القوة الرئيسية لحجته، حيث قدم أرقامًا مذهلة:
· الإيراد اليومي من النفط والغاز: 100 مليون دولار.
· عدد المستفيدين الفعليين من الدولار الرسمي: مليون ليبي (كحد أقصى، وهم عادةً من لديهم نفوذ أو علاقات).
· الإيراد بالدينار بالسعر الرسمي: 622 مليون د.ل (حسب سعره المفترض).
· القيمة الحقيقية للريع (بحساب الفارق مع السوق الموازي): 744 مليون د.ل.
· الخسارة/الغنيمة اليومية: 122 مليون د.ل.
· الغنيمة السنوية: 44.5 مليار د.ل.
· التفسير: يرى “بي” أن هذا الفارق الهائل هو “غنيمة” تُمنح لمتلقي الدولار بالسعر الرسمي (المستوردون الكبار، ذوو النفوذ) على حساب الشعب ككل (8.6 مليون نسمة) الذي يدفع لاحقًا ثمن البضائع المستوردة بناءً على القيمة الحقيقية للدولار.
· حلول مقترحة: لا يطالب بالتعويم الكامل فقط، بل يقدم خيارات مرنة مثل “سعر مدار” أو “سعر مدعوم جزئيًا” أو “نطاق تحرك”، مما يدل على فهمه لتعقيدات الموضوع وليس مجرد الدعوة لإلغاء النظام.
· التقييم: موقفه جذري وإصلاحي ويكشف عن خلل هيكلي فادح في النظام الحالي. هو لا يرى في المصرف المركزي حاميًا للاستقرار، بل مشغلًا لـ”لعبة” يتحكم بكل أوراقها ويصر على قاعدة (قواعد) فاشلة. نقده موجه للاقتصاد السياسي للنظام وليس للجوانب التقنية فحسب.

لماذا الابتعاد عن سياسات المصرف المركزي التقليدية؟ (رؤية استشرافية)

بناءً على هذا التحليل، يمكن طرح الحجج لصالح الابتعاد عن النموذج التقليدي الذي يمثله “أبوسنينة”:

1. الفشل في تحقيق الاستقرار الحقيقي: النظام الحالي لم يحقق الاستقرار إلا على الورق. لقد أنشأ اقتصادًا مزدوجًا: اقتصاد رسمي بأسعار وهمية واقتصاد موازي (السوق السوداء) يعكس القيمة الحقيقية. هذا الانفصام هو بحد ذاته أكبر مصدر لعدم الاستقرار والفساد.
2. استنزاف المالية العامة: نموذج “حسني بي” الكمي يظهر بشكل صارخ كيف أن النظام يستهلك مليارات الدينارات سنويًا كـ”فرق سعر” بدلاً من أن تذهب إلى الخزينة العامة لتمويل خدمات الصحة والتعليم والبنية التحتية للشعب بكامله.
3. تغذية الفساد واقتصاد الريع: النظام الحالي هو البيئة المثالية لفساد “الريع”. فالحصول على دولار بسعر رسمي يصبح في حد ذاته مربحًا، مما يحول نشاط الطبقة التجارية من الإنتاج والابتكار إلى المضاربة والبحث عن ريع العملة.
4. فقدان السيادة النقدية فعليًا: على عكس حجة “أبوسنينة”، فإن الإصرار على ربط غير واقعي يفقد المصرف المركزي سيطرته الحقيقية على السياسة النقدية. يصبح دوره رد فعل (الدفاع عن سعر ثابت) بدلاً من فعل (توجيه الاقتصاد عبر أدوات نقدية فعالة مثل أسعار الفائدة).
5. العزلة عن الاقتصاد العالمي: يشوه سعر الصرف الثابت غير المناسب إشارات السوق، مما يؤدي إلى تشويهات كبيرة في الميزان التجاري (استيراد مفرط، وتثبيط للتصنيع المحلي والتصدير غير النفطي).

الخلاصة والرؤية الاستشرافية

النقاش ليس بين “صحيح” و “خاطئ” تمامًا. لكل طرف مبرراته في التوقيت الحالي.

· “أبوسنينة” محق في المخاطر قصيرة الأجل للتغيير في فراغ مؤسسي. تحذيره من انهيار سريع وقوعه ممكن.
· “حسني بي” محق في الآثار المدمرة طويلة الأجل واستحالة تحقيق تنمية حقيقية under the current system. كشفه للثمن الباهظ الذي يدفعه الاقتصاد والمجتمع هو الأهم.

الرؤية الاستشرافية: الطريق الأمثل هو مسار وسطي إصلاحي تدريجي، وليس القفز إلى تعويم كامل أو التمسك بالجمود. يمكن أن يشمل هذا المسار:

1. اعتماد سعر صرف مرن مدرج (Crawling Peg أو Managed Float) كمرحلة انتقالية، حيث يسمح للدينار بالتعديل تدريجيًا نحو قيمته الحقيقية تحت سيطرة المصرف المركزي، مما يقلص فارق السوق السوداء دون صدمة.
2. إصلاح نظام توزيع العملة لجعله أكثر شفافية وعدالة، ربما من خلال منصات إلكترونية تخفض الفساد وتوسع قاعدة المستفيدين.
3. ربط أي إصلاح نقدي بإصلاح مالي جذري (كما أشار أبوسنينة) لخفض العجز وضبط الإنفاق، لأن إصلاح سعر الصرف دون إصلاح مالي مصيره الفشل.
4. بناء الاحتياطيات الأجنبية في فترة سعر النفط المرتفع الحالية لخلق “وسادة” تحمي الاقتصاد أثناء فترة الانتقال.

في النهاية، إرث الدكتور “العنيزي” والسيد “الرمرام” كان مناسبًا لسياق زمني مختلف. التحدي الحالي هو “تطوير” هذا الإرث وليس التمسك الحرفي به. التغيير أصبح حتميًا، والسؤال ليس إذا يجب التغيير، بل كيف و متى يتم ذلك بطريقة تقليل المخاطر وتعظيم الفوائد للشعب الليبي ككل، وليس لفئة محدودة.

وهناك استدعاء تاريخي في غاية الأهمية. دعنا ندمج محاولة الدكتور “الطاهر الجهيمي” الإصلاحية في 2003 ضمن الإطار الشامل، لنبني رؤية استشرافية متكاملة تستفيد من دروس الماضي وتتطلع لمستقبل أفضل.

محاولة الدكتور الطاهر الجهيمي (2003): الدروس المستفادة

محاولة الجهيمي كانت جراحية وجريئة وتهدف إلى تصحيح التشوهات في نظام الصرف آنذاك. نقاطه الست (بما فيها القضاء على السوق الموازي) كانت تسعى لـ “تعويم مدروس” مبكر. فشلها يعلمنا درسين أساسيين:

1. الدرس الأول (مؤيد لأبوسنينة): الإصلاح النقدي المنعزل وغير المصحوب بإصلاحات مؤسسية وسياسية موازي (بالتوازي) محكوم عليه بالفشل. البيئة غير المستقرة تلتهم أي إصلاح جذري.
2. الدرس الثاني (مؤيد لحسني بي): التأخير في الإصلاح يزيد من تعمق التشوهات وتضخم “الغنيمة” (التي أصبحت 44.5 مليار دينار الآن مقابل رقم أقل في 2003)، مما يجعل عملية الإصلاح لاحقًا أكثر تعقيدًا وخطورة.

رؤية استشرافية متكاملة: إطار الإصلاح الوطني الشامل

بناءً على تجربة الجهيمي ورؤى أبوسنينة وحسني بي، يمكن صياغة رؤية على ثلاثة مستويات متكاملة:

المستوى 1: الإصلاح النقدي والمالي (الدمج بين الرؤيتين)

هذا هو المستوى التشغيلي، ويتم فيه تطبيق الجدول الزمني المرحلي المذكور سابقاً (التحضير، الانتقال التدريجي، التعويم المدار)، ولكن مع تعديل طموح الهدف النهائي:

· الهدف ليس “القضاء على السوق الموازي” (كما سعى الجهيمي) لأنه قد يكون طموحًا غير واقعي في بيئة مفتوحة.
· الهدف هو “توحيد سعر الصرف فعليًا” من خلال جعل السعر الرسمي جذابًا وقريبًا من السوق بحيث يفقد الأخير سببه للوجود، أو يصبح هامشيه ضئيلاً. السوق الموازي يموت وحده عندما يختفى سبب وجوده (الفارق الكبير بين السعرين).

المستوى 2: الإصلاح المؤسسي والحوكمة (شرط نجاح المستوى الأول)

هذا هو المستوى الذي غاب عن محاولة 2003 وهو جوهر رؤية أبوسنينة. لا معنى لأي إصلاح نقدي دون:

· حكومة موحدة ومشرعنة: لاتخاذ القرارات وتمرير القوانين.
· سيطرة كاملة على إيرادات النفط: كما طالب أبوسنينة، لضمان “الوسادة المالية”.
· استقلال حقيقي للمصرف المركزي: ليس استقلالاً عن السياسة فحسب، بل عن شبكات المصالح والفساد.
· منظومة رقابية قوية: (ديوان المحاسبة، الجهاز المركزي للرقابة المالية) لمراقبة توزيع العملة ومنع تحول الفارق إلى “غنيمة” مرة أخرى.

المستوى 3: الإصلاح الاقتصادي الهيكلي ( لتعظيم المكاسب للشعب)

هذا هو المستوى الذي يحقق رؤية “حسني بي” في تعظيم المكاسب وليس فقط منع الخسائر. الإصلاح النقدي الناجح يجب أن يفتح الباب أمام:

· تحويل “الغنيمة” المحولة (44.5 مليار دينار) إلى استثمارات منتجة: في البنية التحتية، الصحة، التعليم، والتمويل الأصغر للمشاريع الصغيرة. هذا هو “عائد السلامة” للشعب.
· تحفيز الاقتصاد الإنتاجي غير النفطي: سعر الصرف الواقعي يجعل التصدير والإنتاج المحلي مجديًا، فيتم إنشاء وظائف حقيقية بدلاً من اقتصاد الريع والمضاربة.
· خلق بيئة جاذبة للاستثمار الأجنبي المباشر: الاستقرار النقدي والمالي هو أهم عامل لجذب الاستثمارات التي تنقل التكنولوجيا وتخلق فرص العمل.

التوافق النهائي: تقليل المخاطر vs تعظيم المكاسب

عنصر الإصلاح كيف يقلل المخاطر (منظور أبوسنينة) كيف يعظم المكاسب (منظور حسني بي)
المرحلة التحضيرية (بناء الوسائد) يبني احتياطيات أجنبية وسيولة للتدخل وقت الأزمات. يحقق استقراراً مؤسسياً يمنع الانفلات. يخلق “رأس مال سياسي” وثقة عامة بجدية الإصلاح، مما يسهل قبول المراحل القادمة.
الإصلاح التدريجي (سعر مرن مدرج) يتجنب الصدمة المفاجئة للاقتصاد والمواطن، ويسمح بمراقبة الآثار وتعديل المسار. يبدأ فوراً في تقليص “فارق الغنيمة” ويوجه التدفقات تدريجياً نحو القنوات الرسمية الشفافة.
إصلاح نظام التوزيع (منصة إلكترونية) يمنع الفساد ويوفر بيانات دقيقة للمراقبة واتخاذ القرار (إدارة المخاطر بالبيانات). يضمن وصول العملة للمستحقين الحقيقيين (المستوردين للسلع الأساسية، المنتجين) وليس للمتلاعبين.
تحويل “الغنيمة” المحولة إلى استثمار يستثمر في تحسين مرونة المجتمع (صحة، تعليم) مما يجعله أكثر قدرة على امتصاص الصدمات المستقبلية. يحقق العدالة الاجتماعية المباشرة ويبني رأس المال البشري والمادي للجيل القادم، وهو أعظم مكسب.

الخلاصة: الرؤية الاستشرافية المتكاملة

الإصلاح الناجح هو عملية جراحية:

· تشخيص “حسني بي” هو الذي يحدد مكان المرض وضرورة العملية (الخلل الهيكلي وسرقة 44.5 مليار سنوياً).
· حكمة “أبوسنينة” هي التخدير الجراحي والمضادات الحيوية التي تمنع الصدمة والالتهاب (إدارة المخاطر والامتثال).
· مبادئ “الجهيمي” هي خطة العملية الجراحية الأولية التي قدمت خريطة طريق مبكرة.
· الرؤية المتكاملة هي فريق جراحي كامل ومستشفى مجهز (الإصلاح المؤسسي) لإجراء العملية في الوقت المناسب وبأقل مخاطر ممكنة.

النتيجة المتوقعة: وطن ذو “Z-Score” وطني مرتفع، يتمتع بسيادة نقدية حقيقية، واقتصاد منتج، ومجتمع عادل ومستقر، قادر على المشاركة الفاعلة في تنمية نفسه والإقليم من حوله. هذا هو أعلى درجات النضج الاقتصادي والسياسي.

“أبوسنينة” يطالب بالمحافظة على سياسات سعر الصرف الثابت.. و”حسني بي” يعارضه ويطالب بالتغيير واتباع سياسات حرة أو أكثر مرونة

قال الخبير الاقتصادي “محمد أبوسنينة” إن المناداة بتغيير نظام سعر الصرف الثابت في الوقت الراهن لا تخدم معالجة وضع سعر صرف الدينار الليبي بل إنها ستزيد الأمر سوءًا، في حين رأى رجل الأعمال “حسني بي” بأن السعر الثابت ما هو إلا “سرقة مشرعنة” ساهم في إفقار الشعب وانهيار الاقتصاد بسبب أرباح فارق “المضاربة” ويطالب بالتغيير.

وأبدى “حسني بي” استغرابه من رفض بعض الاقتصاديين فكرة “تعويم الدينار” من خلال سعر حر أو من خلال سعر مدار أو سعر مدعوم جزئيا أو سعر صرف مع تحديد نطاق التحرك، مؤكدا أن السعر المربوط بسلة العملات “فشل ذريع”، وأشار إلى أن الحكومة ليست بحاجة لشراء الدولار حيث أن 93% من عرض الدولار بالسوق و65% من طلب الدينار مصدره مصرف ليبيا المركزي، لذلك فإن جميع أوراق “لعبة السوق” هي بيد المصرف المركزي المسؤول الأول عن “استقرار الأسعار” و”كبح التضخم”.

ويرى “أبوسنينة” أنه ورغم وضع الدينار الليبي غير المستقر، إلا أن ذلك ليس مبررا لإيجاد آلية جديدة لتحديد سعر الصرف مثل تعويم سعر صرف الدينار أو بيع الدولار بالمزادات أو البحث عن آلية أخرى لبيع النقد الاجنبي أو أن يوكل الأمر بكامله لشركات الصرافة، معتبرًا هذه المقترحات لا تخدم معالجة وضع سعر صرف الدينار الليبي، بل إنها ستزيد الأمر سوءًا وستُفقد المصرف المركزي زمام المبادرة.

بالمقابل أكد “حسني بي” بأنه يجب ترك نظام سعر الصرف الثابت أو المربوط بسلة “حقوق السحب الخاصة SDR”، لأنه ثبث فشله وأفقر الشعب، متسائلا كيف يمكن لمن يملك جميع أوراق لعبة سوق النقد الاجنبي ولمن يعرض كل صباح 93% من الدولارات المتداولة، لا حاجة للحكومة شراؤها” ومصدرها بيع إنتاج النفط، وهي ذات الجهة التي تشتري 65% من الدينارات المطلوبة لمواجهة النفقات الحكومية والعامة، ويتخوف من “التعويم” وبل يصر على الإبقاء على السعر الثابت الذي أثبت فشله على مدى 5 عقود؟

وأضاف “حسني بي” قائلا: إنتاج ليبيا اليومي من النفط والغاز يتعدى 100 مليون دولار، و هذا الدخل الريعي ملك للشعب وتعدادنا 8.6 مليون نسمة، والمصرف المركزي ليس إلا “بيت مال الليبيين”، والمعادلة بسيطة؛ “المركزي” يبيع الـ100 مليون دولار لعدد أقصاه مليون ليبي وبسعر ثابت يحقق إيراد “622 مليون دينار” يوميا، في حين أن القيمة الحقيقية لهذا الريع اليومي “744 مليون دينار”؟؟؟

وتابع: الكارثة الكبرى ما لم يراها الاقتصاديون أن الـ8.6 مليون مواطن ليبي هم ذاتهم من يشترون الدولار والبضائع مقابل 744 مليون دينار، والفارق بين سعر بيع وسعر شراء الـ100 مليون دولار تتعدى 122 مليون دينار كل صباح. إنها غنيمة قدرها 44.5 مليار دينار سنويا، “غنيمة تسيل لعاب كل شريف”.

من جهة أخرى قال “أبوسنينة” أن المطلوب في هذه المرحلة إيجاد حكومة موحدة وتحويل إيرادات النفط إلى المصرف المركزي، والإنفاق وفقا لميزانية في حدود الموارد المتاحة بدون تمويل بالعجز، وتبني سياسة تجارية متوافقة مع أهداف سياسة استقرار سعر صرف الدينار، ذلك يكفي للنأي بسعر صرف النقد الاجنبي عن الانفلات أو المزيد من الانخفاض في سعر صرف الدينار الليبي ويغني عن الاجتهادات غير المدروسة لدعم سعر صرف الدينار الليبي، والتي لن تؤدي إلا للمزيد من عدم الاستقرار وتعزز حالة عدم اليقين ، والمضاربة في السوق السوداء.

وتابع قائلا: إن مراجعة نظام الصرف وأساس تحديد سعر الصرف يأتي في مرحلة لاحقة لا يكون فيها انقسام مؤسسي ولا انفلات أمني، وسيطرة تامة للمصرف المركزي على الإيرادات المتأتية يومياً من تصدير النفط الخام والغاز بالنقد الاجنبي وبيئة تشريعية مستقرة.

ولخص “حسني بي” رأيه بالقول بأنه لا يمكن إحداث تغيير يذكر أو تحسن “سياسي أو اقتصادي أو مالي أو نقدي”، مع الجمود والإبقاء على ذات السياسات والعمل من خلال ذات الآليات، منتظرين مخرجات مختلفة وأفضل مما حققناه خلال 7 عقود مضت.. “لا يمكن التغيير إلا من خلال تغيير المدخلات والآليات لتحقيق مخرجات مختلفة”.

“حسني بي”: مشكلة ليبيا ليست في الدولارات ولا في نقص الاحتياطيات أو الإيرادات

كتب: رجل الأعمال “حسني بي”

أستغرب عدم الإدراك والوعي أن مشكلتنا بليبيا سوء فهم الأساسيات الاقتصادية والمالية والنقدية، حتى نعالج التشوهات الناتجة عن سياسات قائمة منذ عام 1978.

أطالب الاقتصاديين إجراء محاكاة والكشف عن مسببات الانهيار، منها التضخم وتدهور قيمة الدينار منذ كان الدولار يعادل 330 درهم عام 1982، وأسباب فقدان قيمته بنسبة 95% خلال الفترة.

نجزم أن مشكلة ليبيا في عدم فهم المعادلة بين مقومات الدول ومنها المحاور الثلاثة المكونة للاقتصاد الكلي “المالية والنقدية والاقتصادية”.

في ليبيا لدينا متلازمة الدولار؛ ونؤمن بأن احتياطيات الدولار أهم وأولى من قوة الدينار “معدل عام الأسعار وكبح التضخم”، ونتج عن ذلك ثقافة حب اكتناز الدولار، واعتقادنا أن إقرار سعر رسمي منخفض غير محرر للدينار يعالج التشوهات ويكبح جماح التضخم ويقوي الدينار.

الحقيقة أن الانهيار كان دوما نتيجة عشقنا لربط سعر صرف الدينار بالدولار، ومنها نوهم أنفسنا أن الدينار قوي.

الواقع الليبي أنه ومنذ عام 1982؛ الكثيرون من اقتصاديينا الأفاضل لم يدركوا أن سبب انهيار قيمة العملة والتضخم لدى جميع الدول؛ وليبيا ليست استثناءً، هو نتاج أخطاء سياسات:

أولا “مالية”: إنفاق عام يتعدى الإيراد العام وينتج عجز عام.
ثانيا “نقدية”: إذ يتم تمويل العجز بالميزانية نقديًا من خلال خلق نقود، مما ينتج انهيار الدينار ويتسبب في التضخم.
ثالثا “اقتصادية”: في ليبيا 93% من الإنفاق العام يموّل من دولارات النفط، لأنه تم القضاء على القطاع الخاص و حُوِّلتْ ليبيا إلى “ريع النفط”.

لذلك كلما ارتفع الإنفاق العام بالدينار مع ثبوت الإيراد بالدولار؛ كلما ينتج عجز بالميزانية العامة، ومنها نضطر لأحد الحلول الثلاثة، ولا رابع لها إلا إعادة هيكلة الاقتصاد لتحقيق نمو يتعدى معدل العجز، وتغيير النموذج يتطلب خمس سنوات في حال وجود إرادة آنية، أو من 10 إلى 20 سنة بعد توفر الإرادة.

لكن نحن بحاجة لحلول آنية؛ فكل صباح التزامات ليبيا تتعدى 700 مليون دينار، تغطى 93% منها من خلال إنتاح ليبيا من النفط والغاز بما قيمته 100 مليون دولار كل صباح.

الحلول الآنية المتوفرة لنا حسب وجهة نظري “ثلاثة”:

1- تغيير سعر الصرف لتحقيق توازن الإنفاق العام مع ما يُموّل ويغطى من خلال بيع الدولارات المتمثلة في إيرادات النفط بالدولار لتمويل 93% من الإنفاق العام.
2- الإبقاء على السعر القائم ولكن لكبح التضخم والقضاء على السوق الموازي علينا اللجوء لتمويل العحز من بيع دولارات الاحتياطيات لتغطية العجز.
3- تغطية العجز من خلال خلق نقود “طباعة أو قيود افتراضية” تنتج تضخم وتغول السوق السوداء والمضاربة.

للأسف منذ أن كان الدولار بـ330 درهم عام 1982 إلى الآن؛ تم تبني الحل الثالث أعلاه، رافعين شعار “عزة وكرامة الدينار”، والإصرار على سعر صرف ثابت لا يحقق التوازن.

الكثيرون يرفضون تعوييم الدينار ويصرّون على تبني السعر الثابت الذي ثبت فشله، ومن خلال تلك السياسات المتمثلة بالحل الثالث أعلاه، إنهار الدينار 95% منذ 1982.

وشخصيا أرفض الحل الثالث بالمطلق؛ وقد أتقبل ما لا يتعدى التضحية بنسبة 2% من الاحتياطيات حسب ما ورد بالحل الثاني، وأطالب بترشيد الإنفاق العام حتى لا يتعدى الإيراد، واستبدال الدعم نقدا لتحقيق عدالة التوزيع، أو تغيير سعر الصرف لتحقيق معادلة “إيراد عام = إنفاق عام”.

“المركزي”: نستهدف خفض سعر الدولار إلى 6.80 دينار ضمن خطة لدعم الصرافة وضبط السوق الموازي

قال مسؤول بمصرف ليبيا المركزي في تصريح لـ”تبادل” إن “المركزي” يعمل حاليا ضمن خطة لخفض سعر الدولار إلى ما دون السبعة دنانير، مؤكدا بأن المصرف المركزي لديه القدرة الكاملة على احتواء السوق الموازي وخفض سعر صرف الدولار من خلال خطة منظمة ستُفعَّل بعد استئناف عمل مكاتب وشركات الصرافة تحت إشراف المصرف المركزي.

وأضاف بأن المصرف المركزي سيدعم شركات ومكاتب الصرافة لتعمل ضمن سعر صرف مستهدف يحدده المصرف، مع هامش ربح بنسبة 7%، بحيث يتوقع أن ينخفض سعر صرف الدولار في مكاتب الصرافة إلى 6.80 دينار كمرحلة أولى، مشيرا إلى أن هناك إجراءات دفاعية محورية لحماية سعر الصرف سيتم الكشف عنها بعد الاجتماع المرتقب بين “المركزي” وشركات ومكاتب الصرافة، إضافة إلى وجود مؤشرات إيجابية لضبط الإنفاق العام وخاصةً الموازي مع بعض التفاهمات بين الأطراف المحلية والدولية.

وكشف المسؤول عن نية المصرف المركزي احتواء السوق الموازي بتخصيص مليارات الدولارات وبيعها لشركات ومكاتب الصرافة التي تعمل تحت القانون ورقابة “المركزي”، منوها إلى أنه بعد سحب فئة العملة منن فئة “20 دينار” وإطلاق مكاتب الصرافة سينخفض سعر صرف الدولار إلى ما دون 7 دينار، وعندها سيصبح بإمكان مجلس إدارة المصرف المركزي إلغاء الضريبة المفروضة على بيع النقد الأجنبي بنسبة 15%.

مصرف ليبيا المركزي يوضح أسباب ارتفاع سعر الصرف ويكشف خططه لاحتواء وتنظيم السوق

قال مصدر مسؤول بمصرف ليبيا المركزى لـ”تبادل” إن المصرف المركزى يراقب عن كثب أوضاع السوق الموازي، موضحا بأن هناك عدة عوامل تسببت في ارتفاع أسعار العملات، من بينها المضاربة وغسيل الأموال واستغلال المهلة المعلنة لسحب العملة من فئة “20 دينار” من التداول.

وأضاف بأن دخول إجراءات دولية لمكافحة غسيل الأموال ومتابعة حركة البطاقات الدولية، زاد المخاوف من انخفاض العرض في السوق، كما أن استمرار الإنفاق العام بمعدلات كبيرة وزيادة مستوى العجز؛ زاد من حالة عدم اليقين في السوق وتوقعات التجار بمزيد من الارتفاع في أسعار العملات، مشددا على أن المصرف المركزي في ظل هذه الأوضاع يراقب أوضاع السوق ويغطي كافة الطلبات والاحتياجات.

وكشف المسؤول عن خطط المصرف المركزي لاحتواء السوق، والتي ستبدأ من مطلع أكتوبر القادم بعد انتهاء مضاربة فئة 20 دينار، مؤكدا بأنه سيتم تنظيم السوق واستئناف بيع العملة لشركات الصرافة بعد وضع الآلية المناسبة في الاجتماع المزمع عقده في الثالث من أغسطس المقبل بين “المركزى” وشركات ومكاتب الصرافة، “والقضاء على السوق السوداء والفساد قبل نهاية العام”.

وأشار المسؤول بمصرف ليبيا المركزى إلى أنه من المتوقع أن يقوم “المركزى” ببيع ثلاثة ملايين دولار شهريًا لشركات الصرافة، ومليون دولار شهريًا للمكاتب وتحويلها لحساباتها لدى “المركزي”، والسماح ببيع العملات عن طريق حوالات سريعة وشحن بطاقات، بيع وشراء نقدي وفق هامش ربح محدد، وتقدير القيمة حسب أوضاع السوق والطلب والعرض.

“حلمي القماطي” يكتب: تفكيك المعادلة الاقتصادية بين الإنفاق العام وسعر الصرف في ليبيا.. قراءة تحليلية في مسار التشوهات وآفاق التصحيح

كتب: د. حلمي القماطي / رئيس قسم الاقتصاد بكلية الاقتصاد بجامعة بنغازي

يُعد سعر الصرف أحد أبرز المؤشرات التي تعكس توازن أو اختلال الاقتصاد الكلي في أي دولة، لاسيما في اقتصاد ريعي كليبيا، يعتمد بشكل شبه مطلق على صادرات النفط كمصدر وحيد للنقد الأجنبي، ويعاني من تشوهات عميقة في الإنفاق العام والسياسات النقدية.

وفي هذا السياق، تُطرح معادلة مفادها أن “سعر الصرف يجب أن يغطي 93% من الإنفاق العام”، مما يستوجب تحليلًا معمقًا لهذه العلاقة من الناحية العلمية والاقتصادية، مع الأخذ في الاعتبار الواقع الليبي المركب والمؤسساتي المتآكل.

أولًا: السعر الرسمي ليس أصل الإشكال بل سوء توظيفه
• إن وجود سعر صرف رسمي ليس عائقًا بذاته من منظور السياسة النقدية، بل ترتبط المشكلة بمدى واقعية هذا السعر، ومدى ارتباطه بالمتغيرات الاقتصادية الحقيقية مثل (احتياطيات النقد الأجنبي، أسعار النفط، حجم الكتلة النقدية، الهيكل الإنتاجي…).

الإشكال الحقيقي يكمن عندما يتحول السعر الرسمي إلى أداة توزيع ريعية بعيدة عن اعتبارات الكفاءة أو الإنتاج، مما يخلق فجوة بين السعر الرسمي وسعر السوق الموازية، ويحرف تخصيص النقد الأجنبي عن أهدافه التنموية.

ثانيًا: السعر الرسمي بوصفه محركًا للمضاربة

كلما اتسعت الفجوة بين السعر الرسمي وسعر السوق السوداء، كلما تحولت العملة إلى سلعة لا إلى أداة تبادل، وتضاعفت دوافع المضاربة والفساد.

في ليبيا، يُحوّل المصرف المركزي النقد الأجنبي إلى دينارات بسعر منخفض نسبيًا، تُعاد لاحقًا إلى السوق السوداء بفارق سعري ضخم، مما يُنتج مكاسب ريعٍ غير مشروعة ويؤدي إلى إفقار الدينار وارتفاع الأسعار محليًا.

ثالثًا: ترابط هيكلي بين سعر الصرف والإنفاق العام (93%)

تعتمد الدولة الليبية على إيرادات النفط بالدولار، التي يتم تحويلها إلى دينار محلي عبر المصرف المركزي، لتمويل الإنفاق العام.

بهذا، يصبح سعر الصرف الفعلي مرآة لحجم الإنفاق بالدينار مقارنة بالإيراد بالدولار. فكلما زاد الإنفاق ولم يترافق مع نمو في عائدات النقد الأجنبي، ازداد الضغط على سعر الصرف وتآكلت قيمة العملة المحلية.

ما يؤكده الواقع أن 93% من الإنفاق العام يمول عبر بيع النقد الأجنبي، ما يعني أن أي خلل في هذه المعادلة يقود إلى اختلال في السعر التوازني للدينار.

رابعًا: المصرف المركزي في موقف حرج

يُضطر المصرف المركزي حاليًا إلى ضخ 1.8 مليار دولار شهريًا لمقابلة إنفاق عام يقدّر بـ12 مليار دينار. هذا يعني ضمنيًا سعر صرف يعادل 6.67 دينار/دولار، وهو أعلى من السعر الرسمي الحالي وأقل من سعر السوق الموازية.

هذا الوضع غير مستدام، إذ يعني نزيفًا تدريجيًا في الاحتياطي الأجنبي، ويضعف قدرة المصرف المركزي على الدفاع عن قيمة الدينار، خاصة في حال تراجع أسعار النفط أو تصاعد الإنفاق غير المنتج.

خامسًا: تفكيك معادلة المضاربة.. كيف نوقف النزيف؟

إنهاء المضاربة على العملة لا يتم بإلغاء السعر الرسمي فقط، بل عبر حزمة إصلاحات شاملة ومتكاملة تشمل:

1. توحيد سعر الصرف تدريجيًا ضمن آلية تعويم مُدار، تراعي هشاشة الاقتصاد وتدعم الشرائح الفقيرة.
2. ضبط بنية الإنفاق العام، خاصة بنود المرتبات والدعم، والانتقال إلى موازنة البرامج والأداء.
3. تطوير آليات توزيع النقد الأجنبي عبر معايير إنتاجية لا ريعية، وإضفاء الشفافية على قوائم الاعتمادات والحوالات.
4. تفعيل أدوات السياسة النقدية (الفائدة، شهادات الإيداع، السوق المفتوحة) وتحقيق التنسيق مع السياسة المالية.
5. إعادة بناء الثقة بالقطاع المصرفي وامتصاص السيولة النقدية العائمة في السوق.
6. تعزيز البنية المؤسسية، عبر إنهاء الانقسام وتوحيد المؤسسات الاقتصادية، لتوفير بيئة حوكمة فعالة تدعم الإصلاحات.

الخطوط الليبية: الشركة تمر بأزمة غير مسبوقة وتواجه صعوبات كبيرة في توفير الإيرادات اللازمة لتغطية التزاماتها

كشفت شركة الخطوط الجوية الليبية في بيان لها اليوم الأربعاء، بأنها تمر بأزمة غير مسبوقة نتيجة التوقف القسري لغالبية طائراتها، بسبب الأضرار الجسيمة التي لحقت بها أثناء الاشتباكات المسلحة التي دارت في مطار طرابلس الدولي، مشيرة إلى أن الشركة باتت تدار بطائرة واحدة وفي أحسن الظروف طائرتان، واقتصر تشغيلها على ثلاث مناطق فقط.

وأضافت الشركة بأن كافة احتياطاتها المالية استنزفت للمحافظة على صرف مرتبات العاملين في حينها، في ظل عدم القدرة على تحصيل التعويضات الناتجة عن تلك الأضرار، والصعوبة في تحصيل الديون المستحقة للشركة على الغير، موضحة بأنها تواجه صعوبات كبيرة في توفير الإيرادات اللازمة لتغطية التزاماتها، من تدريب أطقم جوية وديون غرفة المقاصة وجدولة كافة ديونها الداخلية والخارجية، خاصة مع ارتفاع سعر الصرف.

وأشارت إلى أن إدارة الشركة تعمل جاهدة على الموازنة بين صرف المرتبات وتغطية مصاريف التشغيل الضرورية، وجدولة الديون المستحقة عليها للحفاظ على استمرار عملها وعدم تعرضها للإفلاس، وتؤكد أن كل الإجراءات المتخذة هي في إطار الحفاظ على مصلحة الشركة والعاملين فيها، داعية الجميع إلى التحلي بالروح الإيجابية والتعاون في هذه المرحلة الصعبة، مع التأكيد على أن التحديات الحالية خارجة عن إرادة الإدارة والموظفين على حد سواء.