Skip to main content

الوسم: الدينار الليبي

“الشحومي”: الإصلاح لا يكتمل دون الاعتراف بالأخطاء والمطلوب إعادة بناء المصرف المركزي كمؤسسة مستقلة ووضع ميزانية موحدة

كتب : منذر الشحومي / الخبير المصرفي والمالي

في زحام النقاشات حول انهيار الدينار الليبي وما يرافقه من ارتباك اقتصادي، يطل علينا بعض المسؤولين وكأنهم ملائكة الخلاص، بينما يتناسى الجميع أننا أمام إرثٍ ثقيل من الفشل وسوء الإدارة.

قيادة المصرف المركزي السابقة لعبت دورًا محوريًا في تقويض المؤسسات وتكريس الانقسام، حين انحازت إلى معسكر سياسي على حساب المصلحة الوطنية، فبدلاً من أن يكون المصرف المركزي مؤسسة محايدة تحمي قيمة العملة وتراقب السياسة المالية، تحول إلى أداة في صراع سياسي، الأمر الذي شق البلاد إلى مصرفين متنافسين يطبع كلٌ منهما عملة ويمول حكومته الخاصة .

وما يزيد من الاستياء أن القيادة الحالية تعيد تدوير الرواية نفسها، وترمي بفشلها في دعم الدينار على “السياسات النقدية للفرع الشرقي” خلال فترة الانقسام، نعم، طبع الفرع الشرقي نقودًا في روسيا، لكن هذا الرقم ضئيل مقارنة بالسيولة التي ضخها المصرف المركزي نفسه عبر “خلق نقود رقمية” وتمويل إنفاق الحكومات دون غطاء حقيقي.

تقرير البنك الدولي يُظهر أن النقد خارج البنوك ارتفع من أقل من ثلاثة مليارات دينار عام 2004 إلى أضعاف مضاعفة بدون أي زيادة ملحوظة في الإنتاجية او الناتج العام المحلي، ما يعني أن المشكلة أعمق من “عملة مطبوعة في روسيا”، الأزمة تتعلق بثقافة الإنفاق الارتجالي والعجز عن التوصل إلى ميزانية موحدة؛ إذ اضطرت الحكومات إلى اتفاقيات مالية غير رسمية، وأصبح المصرف المركزي هو من يحدد سقف الإنفاق عبر التحكم في النقد الأجنبي.

من جهة أخرى، جمد المصرف المركزي العمل بأدوات التحويل الاعتيادية وفرض قيودًا بيروقراطية خانقة على فتح الاعتمادات وتحويل العملة الصعبة، متذرعًا بمحاربة المضاربة وغسل الأموال. تلك القيود لم تؤدِ إلا إلى ازدهار السوق الموازية؛ فالإجراءات المعقدة وضريبة الصرف المرتفعة دفعت الشركات إلى اللجوء للسوق السوداء.

وبدلًا من معالجة جذور الأزمة، عمد المصرف المركزي إلى تهميش البنوك التجارية وتحويلها إلى مجرد “نوافذ إدارية” تصدر اعتمادات بأمره، بينما تعتمد أرباحها على عمولات بيع العملة الأجنبية، هذه السياسات غير الرشيدة قضت على ثقة المواطنين في النظام المصرفي وزادت من اكتناز السيولة خارج البنوك.

الأخطر من ذلك أن المصرف المركزي، تحت مسمى “الإصلاح”، بدأ يمارس مهامًا ليست من اختصاصه: فأصبح يحدد سقف الإنفاق الحكومي كأنه وزارة مالية، ويفرض شروطًا على التجارة كأنه وزارة تجارة، بل وأدار منصة لتوزيع العملة الصعبة أشبه بمكتب صرافة. استخدام سلطة الرقابة لتسيير عمليات تجارية وتمويلية يناقض جوهر دور المصرف المركزي، الذي يجب أن يركز على الاستقرار النقدي والرقابة المصرفية لا على إدارة الاعتمادات وتقرير من يحصل على الدولار. إن إعادة البنك إلى وظيفته التنظيمية والإشرافية ضرورة لإعادة الثقة في النظام المالي.

إن الحديث عن الإصلاح لا يكتمل من دون الاعتراف بالأخطاء والفساد الذي غذى هذه الأزمة، والمطلوب هو إعادة بناء المصرف المركزي كمؤسسة مستقلة، ووضع ميزانية موحدة شفافة، وإلغاء الضرائب غير المجدية على العملات الأجنبية، وإعادة البنوك إلى دورها الطبيعي كشريك في التنمية لا كمنفذ لشروط المصرف المركزي، وبدون هذه الإصلاحات الجذرية، سيظل الدينار رهينة للقرارات الارتجالية، وستبقى السوق السوداء هي الملاذ لكل من يريد ممارسة التجارة والاستيراد او حتي الاستخدام الشخصي في ليبيا.

“عبد الحكيم الثليب” يكتب عن تعويم الدينار الليبي

كتب: الخبير الاقتصادي “عبد الحكيم الثليب”

هناك من يقول لا يجوز تعويم الدينار الليبي لأن الدينار الليبي لا يزال طفلا صغيرًا لا يعرف العوم، وسوف يغرق، وينبغي ترك هذا الطفل الصغير الرضيع في حاله لكي يبقى طفلا رضيعًا لأنه نسى أن يكبر، أما رمي هذا الدينار في الماء والشروع في تعليمه العوم ودفعه وتشجيعه لكي يكبر وينضج مثل البشر الآخرين بطريقة منظمة ومتحكم فيها؛ فإن ذلك يتعارض مع تقاليدنا العريقة في تكرار تجريب المجرب الذي سبق وأن جربناه سبعة آلاف مرة، وأوصلنا إلى الذي نحن فيه، “وزيد الماء وزيد الدقيق”.

هناك فريق آخر يحتج ويقول كيف تعوموا الدينار ونحن ليس لدينا تنوع في الاقتصاد، وهذا يقودنا إلى المعضلة القديمة الشهيرة بخصوص من جاء أولا الدجاجة أم البيضة، فتعويم الدينار حسب هؤلاء السادة يحتاج أولا إلى تنويع الاقتصاد، وتنويع الاقتصاد من غير المتوقع أن يتحقق حتى بعد مليون سنة أخرى في ظل استمرار النمط الديناصوري الحالي الذي يقوم على الاعتمادات الدولارية والأبواب الخلفية وتوريد السلع الاستهلاكية، وتفضلوا للاستمرار في الركض واللهث في الحلقة الفارغة.

للعلم والتذكير، لا توجد عملة في العالم تخضع بشكل مطلق لعوامل العرض والطلب الطبيعية، حتى الدولار الأمريكي الذي يهيمن لوحده على أكثر من 70٪ من التعاملات على مستوى العالم لا يزال يتأثر بسياسات المركزي الأمريكي الذي يسمونه الاحتياطي الفيدرالي،

يقال أنه “لا توجد طهارة بدون دم!”، وبوسع هذا البلد أن يستمر في المحافظة على ديناره الرضيع في مرحلة الرضاعة طالما أن البترودولارات لا تزال متوفرة عن طريق تدفق البترول، وبعد ذلك، بعد أن ينفض سوق البترول، فإن لكل حادث حديث.

وفي المقابل فإن بالإمكان الكف عن عادة تكرار تجريب المجرب والدوران في حلقة البيضة والدجاجة المغلقة، وبالإمكان الشروع في حث ودفع هذا الدينار الليبي الرضيع لكي يكبر ويشب عن الطوق ويتعلم كيف يعوم مثل عملات البشر الأخرى عبر عملية ممنهجة منظمة شفافة ومتحكم فيها، والصيغ والوسائل العلمية والعملية لتحقيق ذلك متاحة ومتوفرة وتطبقها كل يوم الشعوب الواعية التي تعرف كيف تحترم نفسها وتفرض احترامها، والفرصة لا تزال متاحة طالما لا تزال هناك سوق للبترول وبترودولارات، ولكن الوقت ينفذ والفرص تتضاءل، وإذا استمر النمط الحالي فإن الدينار الرضيع قد يتحول إلى كومة من الأوراق عديمة القيمة، وما زيمبابوي وفنزويلا وغيرها من التجارب عنكم ببعيد، والله الهادي.

نقاش اقتصادي واختلاف وجهات النظر بين “امراجع غيث وحسني بي” حول سعر الصرف ومسببات التهريب في ليبيا

قال وكيل وزارة المالية وعضو مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي السابق “امراجع غيث” إنه مع تثبيت سعر الصرف من قبل مصرف ليبيا المركزي وليس مع ترك الأمر للسوق السوداء، مشيرا إلى هناك تأثير لتهريب الدولارات التي تأتي من بيع النفط إلى الخارج من خلال الاعتمادات والبطاقات على سعر الصرف.

من جهته يرى رجل الأعمال “حسني بي” بأن سعر صرف الدولار الحقيقي هو سعر السوق، مذكرا بأنه عندما كان سعر الدولار في المصرف بـ”30 قرش” وصل في السوق إلى 3.85 دينار، ولما كان في المصرف المركزي بـ1.40 دينار، وصل سعر الدولار في السوق إلى 15 دينار بالصك.

واستطرد “امراجع غيث” قائلا إن سعر الصرف في دول مثل الأردن والبحرين والإمارات والسعودية وغيرها سعر الصرف ثابت، والإجراء الصحيح هو تقليل الإنفاق العام، مشددا على أن المصرف المركزي ليس مسؤولا عن الإنفاق الحكومي سواء عندها عجز أو فائض، وليس ملزما بتمويل الحكومة وفقا للقانون.

ورد “حسني بي” بأن المشكلة ليست في سعر الصرف في حد ذاته وإنما في كيف يتم إدارة الإيرادات دون عجز، والإخفاق في ليبيا هو في وجود عجز بالميزانية، وتمويل ميزانية نقدية من خلال خلق أموال جديدة، مؤكدا أن سعر صرف الدولار ليس مهما أن يكون 5 أو 6 أو 7 دينار، ولكن يجب أن يغطي ما نسبته 93% من الإنفاق العام.

وأضاف أنا كتاجر يهمني أن يكون سعر الصرف 1.40 وليس بأكثر، والرابح من زيادة سعر الصرف الرسمي هي الحكومة التي تبيع في الدولارات، مشيرا بأننا نملك دخل يومي 100 مليون دولار من بيع النفط، نعطوا فيه لـ 100 ألف شخص بسعر 6.20 وكنا نعطوا فيه 1.40، وبالمقابل يشتري باقي الليبيين “8.6 مليون مواطن” هذه الدولارات التي بعناها بـ7.44 دينار، وهذا يعني أننا أغنينا الـ100 ألف شخص وأفقرنا باقي الليبيين.

وحذر “امراجع غيث” من تهريب العملة خصوصا في ظل تفشي الفساد في الاعتمادات وبطاقات الأغراض الشخصية، مشددا على ضرورة محاربة السوق السوداء والحد منها، وتحديد السعر الذي يخدم المواطن لأن الدولارات هي أموال النفط وهي لكل الليبيين.

وقال “حسني بي”: أنا أطالب بأي طريقة أخرى إلا ما هي قائمة حاليا، سواء أكانت تعويم مدار أو تعويم نسبي أن أي نوع من التعويم، أما السعر الرسمي الثابت فهو “كذبة” و”سرقة مشرعنة”، والاستمرار فيما هو قائم حاليا هو سرقة لليبيين لإغناء 100 ألف شخص.

وفيما يتعلق بإلغاء الضريبة المفروضة على بيع النقد الأجنبي؛ قال “امراجع غيث” بأنه يجب إلغاء الضريبة دون شك، سواء من الناحية المعيشية للمواطن أو من ناحية ضرورة تطبيق أحكام القضاء التي صدرت بإلغاء الضريبة ويجب تنفيذها.

بالمقابل قال “حسني بي” بأنه حتى لو تم إلغاء الضريبة فإنه سيتم تخفيض سعر الصرف الدينار الليبي مجددا، لأن سعر الصرف مربوط بتغطية 93% من الإنفاق العام من خلال إيرادات النفط الموردة لمصرف ليبيا المركزي، ولم يتم ذلك سنخلق تضخم وزيادة فارق سعر الصرف بين الرسمي والموازي، وسيؤدي ذلك لزيادة الطلب على الدولار ونتجه للفشل.

“أبوسنينة” متسائلا: لماذا يستمر ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء حتى يصل إلى 7.84 دينار رغم أن النقد الأجنبي متاح في المصارف بسعر أقل ؟

تسأل الخبير الاقتصادي “محمد أبوسنينة” عبر منشورا له على صفحته بالفيسبوك لماذا يستمر ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء حتى يصل إلى 7.84 دينار مقابل 1 دولار ، رغم أن النقد الأجنبي متاح في المصارف بسعر أقل ؟

وأكد “أبو سنينة” أنه في الحالة الليبية لايجدي التأسيس على مستوى سعر صرف النقد الأجنبي في السوق السوداء ، عند رسم سياسات إصلاح سعر الصرف ، اواعتباره سعر حقيقي او سعر توازني تحدده قوى العرض والطلب في سوق تنافسية حرة كما يعتقد البعض ويؤمن به .

وأضاف “أبوسنينة” أن المصرف المركزي قام بضخ المزيد من الدولارات في القطاع المصرفي لمختلف الأغراض ، خلال الربع الأول من هذه السنة ، وأستمر بعده حتي نهاية النصف الأول من السنة، حتى بلغ إجمالي ما وفره المصرف المركزي لمختلف الاستخدامات أكتر من 14.2 مليار دولار ، بدون قيود تذكر ، وفقاً للبيانات المنشورة من قبل مصرف ليبيا المركزي ، الاً أن هذه السياسة لم تؤتي ثمارها بالسيطرة على السعر وتقليص الفجوة بين سعر الصرف الرسمي ، وسعر الصرف في السوق السوداء ، التي وصلت إلى 2.43 دينار وبنسبة 45% من سعر الصرف الرسمي للدينار بدون الضريبة .

وتابع قائلا: ذلك لأن هذه الدولارات التي يتم ضخها ينتهي معظمها إلى السوق السوداء وتغذية بشكل غير مباشر بطرق مختلفة ، وتقع في أيدي كبار قادة السوق ورواده ، ممن لديهم الاستعداد لشرائها بأي ثمن ، و يعزز هذا الوضع حالة عدم اليقين وعدم الاستقرار والانقسام المؤسسي ، وانفلات الإنفاق العام وتضخمه .

وقال الخبير الاقتصادي إن أمام هذا الوضع لا يمكن النظر إلى سعر الصرف في السوق السوداء سعراً مرجعياً حقيقياً او اعتباره سعراً توازنياً يتحدد بناءً على قوى العرض والطلب الحرة وغير المشوهة حيث يلاحظ أنه كلما ضخ المصرف المركزي المزيد من النقد الأجنبي ارتفع سعره في السوق الموازية.

وكشف أن السعر في السوق السوداء لا يتحدد في سوق تسودها المنافسة ، حتى نقول أن سعر الصرف هو سعر مرجعي تنافسي حقيقي، خلافاً للمتعارف عليه في أسواق الصرف بالدول الأخرى التي يعبر فيها السعر عن مدى ندرة او توفر النقد الأجنبي في الاقتصاد، مضيفا أن سعر النقد الأجنبي في السوق السوداء في ليبيا يحدده طرف واحد هو الذي يحتكر النقد الأجنبي في السوق احتكاراً مطلقاً ويتحكم في سعره داخل السوق ، ولاتوجد له روافد أخرى مهمة يمكن ان تؤثر في السعر ، والأرجح ان من يحتكر الدولار في السوق ويحدد سعره هو الذي يحتكر السيولة بالدينار، بالدينار الليبي ويكتنزها ويديرها خارج القطاع المصرفي لمختلف الأغراض بما فيها المضاربة والتحكم في السعر والتربح من وراءه ، خصوصا في فترات إلغاء واستبدال او سحب إصدارات بعض فئات الدينار الليبي، وفي افضل الأحوال يمكن ان يوصف السوق بحالة احتكار القلة . السوق السوداء تشوه حقيقي خطير في الاقتصاد الليبي وعامل من عوامل عدم الاستقرار .

وأشار إلى أنه على المصرف المركزي أن يعي طبيعة السوق ومن يتحكم فيها ، والأجدى أن يوجّه سياساته التي تستهدف استقرار سعر صرف الدينار الليبي وإصلاحه ، وتضييق فجوة السعر أخداً في الاعتبار طبيعة السوق وحقيقته والظروف المحيطة ، وتقلبات الإنفاق العام ودوريته .

ولدى المصرف المركزي تجربة ناجحة وسياسة تم تطبيقها في السيطرة على سعر الصرف في السوق السوداء كان قد اتبعها خلال الفترة 2000- 2002 عندما تم تعديل وتوحيد سعر صرف الدينار الليبي ، والقضاء على السوق السوداء ، حيث اصبح سعر النقد الاجنبي في السوق السوداء اقل من سعره في المصارف ، مما يعني عملياً القضاء على السوق السوداء . و قد استقر بعدها سعر الصرف حتي عام 2012 .

وختم الخبير الاقتصادي حديثه بأنه من المهم جداً فهم طبيعة السوق ، والظروف المحيطة ، ورسم السياسة المناسبة وفقاً لذلك ، حتى لا يجهد المصرف المركزي إمكانياته دون جدوى.

“حسني بي”: الحقيقة في ليبيا والمشكلة الأساسية ومنبع الجريمة أن الدولار يباع بأقل من قيمته العادلة

قال رجل الأعمال “حسني بي” إن المشكلة في ليبيا ليست في بيع الدولار سواء عبر الاعتمادات أو بطاقات الأغراض الشخصية، مشيرا إلى أن الواقع هو أن الدينار والدولار وجميع العملات أصبحت سلعة، والحكومة بحاجة لبيع الدولار لشراء الدينار ليس للمتعة أو لعمل المعروف أو هدايا للمشتري أو عمل خيري، بل سبب بيع الدولار أو بالأحرى سبب شراء الحكومة للدينار هو للوفاء بالتزاماتها بالدينار ولتغطية الإنفاق العام المنفلت.

وتابع “حسني بي” بالقول: الحقيقة في ليبيا والمشكلة الأساسية ومنبع الجريمة أن الدولار يباع بأقل من قيمته العادلة، حيث يباع الدولار بـ6.45 دينار ليجد طريقه من خلال المضاربة عبر ليبيين وأجانب ويعيدون بيعه بقيمة 7.45 وبمكسب بنسبة 15%، ومن ثم يرجع ذات الأشخاص لشراء 1.15 دولار مقابل الـ7.45 دينار ويعيدون بيعها بسعر 8.20 دينار … وهكذا، وبعد أشهر يشترون 2 دولار بسعر 12.90 دينار ويقومون ببيعه بسعر 15 دينار، ليكون المضاربين قد حققوا مضاعفة لرأس مالهم من دولار إلى 2 دولار، وهذه هي المضاربة.

وأشار “حسني بي” إلى أن المتهم الأول لأدوات المضاربة؛ “المضارب المزور للمستندات ما يسمى بالاعتمادات والمضارب على البطاقات، موضحا أن قيمة الاعتمادات نحو 10 مليار دولار وتحتاج ثلاثة أشهر دورات مستندية و30 يوما لتغطية القيمة، إلا إذا زورت المستندات ولا توجد بضائع أساسا، فالمدة قد تتقلص إلى 30 يوما دورة مستندية و30 يوما تغطية أي بإجمالي 60 يوما، في حين بطاقات الأغراض الشخصية والتي تقدر بإجمالي 9 مليار دولار، والدورة لشراء وبيع البطاقة لا تستغرق سوى عشرة أيام على أقصى تقدير.

“حسني بي”: الحقيقة الاقتصادية في ليبيا.. موارد محدودة، تحديات السيولة، التضخم، ومباشرة إعادة هيكلة القاعدة النقدية منذ يناير 2025

قال رجل الأعمال “حسنيي بي” إن ليبيا بلد يعاني من أزمات اقتصادية متراكمة، تتجلى في سوء فهم واضح لطبيعة مواردها المالية، وما يترتب على ذلك من تأثيرات على سعر صرف الدينار والتضخم.

حقيقة الموارد المالية

يعتقد الكثير من الليبيين أن موارد البلاد غير محدودة، وأن مصرف ليبيا المركزي يمتلك القدرة على تغطية الإنفاق الحكومي بشكل مطلق، لكن الواقع يوضح أن موارد الدولة محدودة، وأن إيداعات الحكومة لدى المركزي معروفة ومرتبطة بمواردها الحقيقية، كما أن دينارات المصرف المركزي الحقيقية لا تتجاوز رأس مال المصرف المقدر بمليار دينار فقط، و غير ذلك من دينارات ليست إلا “خلق نقود لتغطية العجز النقدي”.

تمويل العجز وتأثيره

عندما يلجأ المصرف المركزي إلى تمويل العجز الحكومي عبر خلق نقود جديدة، والذي يُطلق عليه “تمويل نقدي للعجز”، فإن هذا الخيار يأتي بثمن غالٍ، وهو فقدان القوة الشرائية للدينار، وارتفاع معدلات التضخم، مما يؤدي إلى غلاء الأسعار بشكل مبالغ فيه.

الانتقادات والمخاطر

نحن نرفض فكرة أن الموارد الحكومية و موارد مصرف ليبيا المركزي محدودة، فالحقيقة أن أي تمويل لميزانية بالعجز، يترتب عليه “تضخم” يدفع ثمنه المواطن بشكل مباشر، سواء عبر ارتفاع الأسعار أو انهيار قيمة العملة الوطنية.
وفي السياق ذاته، فإن الحديث عن استقالة محافظ المصرف المركزي، يعكس حجم الضغوط والتحديات التي يواجهها، خاصة في ظل فشل السياسات الاقتصادية الحالية.

خيارات الإصلاح

للتصدي لهذه الأزمة، أمام مجلس إدارة المصرف المركزي خياران رئيسيان:
الخيار الأول؛ مصارحة الشعب بالحقيقة، وشرح الوضع الاقتصادي بشكل شفاف، مع الأخذ في الاعتبار أن عدم تقبل الشعب للحقيقة قد يفضي إلى انهيار أكبر، يتمثل في التضخم المفرط وانهيار سعر الصرف.
والخيار الثاني؛ العمل على توحيد الميزانية والإنفاق العام، وتقليل الاعتماد على الإنفاق غير المدروس، خاصة في أبواب المرتبات، والمشتقات النفطية، والدعم، والتسيير، والتي تتجاوز مجتمعة 174 مليار دينار، مع ضرورة تخصيص موارد حقيقية لقطاع التنمية، بما يشمل النفط والغاز والكهرباء والبنى التحتية.

مشاكل السيولة وأسبابها

مشكلة نقص السيولة ليست جديدة، تتكرر منذ عام 1980 وبلغت ذروتها عام 2017 حين استبدل مبلغ ألف دينار بصكوك بقيمة 700 دينار كاش “بفارق 40% “، إن اختفاء السيولة يعود إلى هيكلة القاعدة النقدية و ديناميات المصرف المركزي، خاصة فيما يتعلق بقيمة الدين المستحقة للجمهور، حاملي الأوراق النقدية، الاحتياطي القانوني المقرر “30% (قرابة 31 مليار دينار) حينما المحجوز يتعدى 50 مليار دينار، (تجاوز الاحتياطي المقرر والقانوني بمبلغ إضافي 19 مليار دينار محتجزة “، تمثل أموالا إضافية للمصارف التجارية محتجزة لدى المركزي”.
ارتفاع الاحتياطيات المجمدة بالقاعدة النقدية بما يتعدى 50% أدى إلى شح السيولة، مما أدى إلى فقدان الثقة بين المصارف والعملاء، وتقويض دورة نقدية صحية، وتعزيز السلوك الدفاعي في النظام المالي.



الحل المقترح

يدعو الخبراء إلى إعادة هيكلة “القاعدة النقدية”، التي أصبحت ضرورة ملحة، حيث تعني ببساطة تغيير تركيبة القاعدة النقدية والتي يعتمد عليها المصرف المركزي في خلق النقود، وتقليل الاعتماد على الاحتياطيات الاضافية المجمدة، وتعزيز دوره في ضخ السيولة الموجهة للقطاعات الحيوية، وليس فقط لتغطية السحب النقدي.

الإجراءات الممكنة

تشجيع المصارف على استثمار ودائعها بشكل فعال، مع ضمانات سيادية مؤقتة، وتحرير سعر الصرف، للحد من الطلب المضارب على العملة الأجنبية، وتخفيف الضغط على الدينار.

الخلاصة

-لا يمكن وقف التضخم وانهيار الدينار إلا من خلال إيقاف العجز المالي، وعدم تمويله نقديًا.
-إعادة هيكلة القاعدة النقدية ضرورية، لأنها المفتاح لتحسين السيولة واستقرار العملة.
-هذه التحديات تتطلب وعيًا جماعيًا وإجراءات جريئة، لضمان استقرار اقتصادي حقيقي، يحقق مصالح الشعب ويعيد بناء الثقة في الاقتصاد الوطني.
وحسبما نتابع من تطورات يمكن الجزم أن مصرف ليبيا المركزي قد باشر بإصلاحات إعادة هيكلة القاعدة النقدية منذ يناير 2025، لذلك رأينا نوعًا من الانفراج النسبي ما قبل إجازة عيد الأضحى.

“الشحومي”: تمويل صندوق الإعمار بالتزام تمويلي يتجاوز السنة المالية الواحدة يتناقض مع أساس سنوية الموازنة الحكومية

قال الخبير الاقتصادي “سليمان الشحومي” إن مسألة تمويل صندوق الإعمار بالتزام تمويلي يتجاوز السنة المالية الواحدة يتناقض مع أساس سنوية الموازنة الحكومية، وخصوصا وأن ليبيا تعيش حالة انقسام وهشاشة مؤسساتية ومصرفية ومالية ونقدية.

وأضاف “الشحومي” بأنه يمكن أن يكون هناك برنامج تنموي يمتد لأكثر من سنة مالية واحدة في إطار خطة مقسمة على عدة سنوات، مثل ما حدث سابقا في البرنامج الثلاثي أو الخطة الخماسية الأولى والخطة الخماسية الثانية والتي كانت جميعا معنونة ومفصلة ومبرمجة ومقرة بقوانين وتحت إشراف حكومي ومصرفي تنفيذي وتحت رقابة شاملة من قبل المؤسسات المعنية بالرقابة .

وتابع “الشحومي” بالقول إن تخصيص الأموال الحكومية رغم العجز المستمر بالموارد والاعتماد علي المصرف المركزي وإرغامه علي الإقراض والتوسع في عرض النقود بموجب قانون، بغض النظر عن هشاشة الوضع النقدي وضعف الدينار بسبب توسع الإنفاق غير المضبط منذ سنوات؛ سيعمق من إنهاك قدرة الدينار علي الاحتمال وتنعكس فورا في قيمته وتمتد أثارها القاسية علي الأجيال القادمة، وخصوصا أننا نعاني من ضعف القدرة علي القيام بإدارة مالية لتوظيف القدرات والمكامن بالاقتصاد بسبب الأوضاع السياسية والإدارية المفككة التي تعيشها ليبيا، مما يعني وضع حجر كبير أمام قدرة الاقتصاد علي الاستدامة.

واختتم “الشحومي” حديثه بالقول إن المعضلة ليست في تحديد وتبويب المشروعات التي يقوم بها الصندوق ومدي عدالة التوزيع علي كامل أرجاء البلاد؛ وإن كان ذلك أمر مهم وحيوي، ولكن المعضلة الأساسية هي أن حجم التمويل المطروح للصندوق يتجاوز القدرة الاستيعابية للاقتصاد وقدرة الإيرادات العامة، لذلك لابد من التريث و التفكير في برنامج تنموي في شكل خطة تمتد لعدد من السنوات وإشراك مجلس التخطيط الوطني عبر قواعده بالبلديات بمستهدفات اقتصادية محددة وإطار يعالج بجدية ومهنية مسألة إدارة المالية العامة وسبل تدبير الموارد لمواجهة الاحتياجات التنموية المستحقة بليبيا على أسس اقتصادية شاملة.

“الدبيبة”: نؤكد رفضنا لأي مسارات موازية للإنفاق العام ونحذر من تحميل الدولة أعباء مالية ضخمة يُعاد تعويضها عبر الدين العام

أكد رئيس حكومة الوحدة الوطنية “عبدالحميد الدبيبة” رفضه القاطع لأي مسارات موازية للإنفاق العام خارج الأطر الشرعية، محذرًا من أن هذه الممارسات تُحمّل الدولة أعباء مالية ضخمة تُصرف في أبواب غير حقيقية، ثم يُعاد تعويضها عبر الدين العام، ما يعني عمليًا خصمًا من جيب المواطن وخفضًا فعليًا لقيمة دخله.

وقال “الدبيبة” إن المواطن الليبي لن يستفيد من مشاريع تُنفّذ بأسعار مُضاعفة خارج النظام المالي الموحد، متسائلا: “ما جدوى المشاريع إذا كانت تُنفذ بأسعار مُضاعفة وتُخصم من جيب المواطن عبر الدين العام؟!”

وطالب “الدبيبة” رئيس مجلس النواب بالإفصاح عن مصير أكثر من 100 مليار دينار تم إنفاقها خارج الميزانية العامة خلال العامين الماضيين، وما تسبب فيه هذا الإنفاق من تدهور في قيمة الدينار الليبي، وانعكاسات خطيرة على دخل المواطن وثقة السوق.

وأشار إلى أن عددا من الخبراء الاقتصاديين نبّهوا إلى أن إقرار ميزانية موازية رغم مخالفتها القانونية، من شأنه أن يؤدي مباشرة إلى ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق الموازي، نتيجة اختلال الثقة المالية وزيادة الضغط على الاحتياطيات، الأمر الذي ينعكس سلبًا على استقرار العملة ومستوى معيشة المواطن.

واختتم “الدبيبة” حديثه بالتأكيد على أن المسؤولية الوطنية والقانونية تقع على جميع المؤسسات لوقف هذا النزيف المالي، والدفاع عن وحدة المالية العامة، والحفاظ على استقرار الاقتصاد والدينار الليبي.

“حسني بي” يوضح تأثير الإنفاق العام على التضخم وقوة الدينار الليبي

قال رجل الأعمال “حسني بي” في تصريح لمنصة “تبادل” حول تأثير الإنفاق الموازي على التضخم وقوة الدينار الليبي، إنه ودون الخوض في شخصنة الجهات وتسييس العبارات بين شرق وغرب وجنوب وشرعي وموازي وغير شرعي، فإن القاعدة الاقتصادية العامة لقوة العملة والتضخم أو فقدان القوة الشرائية وتخفيض سعر العملة ينتج عندما يتجاوز الإنفاق العام “بغض النظر عن المسميات ومن وكيف أنفق” الإيراد العام ويؤدي إلى عجز عام بالإنفاق.

وأوضح “حسني بي” بأن تمويل هذا العجز سواء من المصرف المركزي أو أي من المصارف التجارية، من خلال خلق أموال “تمويل نقدي” لأموال ليست متوفرة “عجز”، فإن هذا التمويل يتسبب في التضخم، أي أن التمويل النقدي للميزانية أو للإنفاق العام بالعجز يتسبب في التضخم، وهذا التضخم ينتج عنه فقدان الدينار لقوته الشرائية، ومن ثم يتسبب في انهيار الدينار ومنها تخفيض قيمته.

وأضاف بأن الإنفاق العام لا يهم فيه من يصرف أو ينفق وكيف يصرف أو ينفق ولماذا يصرف أو ينفق؛ ما دام هذا الصرف أو الإنفاق يتم باسم الدولة أو الحكومة “الحكومات” أو الأجهزة والمؤسسات العامة، “كلها سيان”، والقاعدة الرئيسية أنه إذا كان إجمالي الإنفاق يتعدى إجمالي الإيراد؛ فالنتيجة انهيار وتضخم و فقدان القيمة الشرائية للمواطن وضعف قيمة الدينار مقابل الدولار.

وأشار “حسني بي” إلى أن هذا بالضبط ما حدث من عام 1982 عندما كان الدولار بـ 330 درهما، وتكرر ذلك عام 2013 عندما كان الدولار بـ 1.400 دينار، وتكرر عام 2021 عندما أصبح الدولار بـ 4.500 دينار، وصولا إلى مارس 2024 عندما أصبح الدولار بـ 6.400 دينار.

واختتم “حسني بي” حديثه بالتنويه إلى أن تجميع الدولار بالاحتياطيات مقابل خلق دينارات من عدم؛ له ذات تأثير التمويل بالعجز والتضخم وانهيار قيمة الدينار، وهذا ما حدث عام 2023 وفي الربع الأول من عام 2024.

“الدبيبة” يتخذ إجراءات فورية لتخفيض الإنفاق الحكومي بالعملة الصعبة على البعثات الليبية في الخارج

أعلن المكتب الإعلامي لرئيس حكومة الوحدة الوطنية عن اتخاذ “الدبيبة” إجراءات فورية تهدف إلى تخفيض الإنفاق الحكومي بالعملة الصعبة على البعثات الليبية في الخارج، للتقليل من آثار الإنفاق الموازي في خفض قيمة الدينار الليبي.

جاء ذلك خلال اجتماع موسع عقده “الدبيبة” مع المسؤولين بالمؤسسة الوطنية للنفط، بحضور رئيس ديوان المحاسبة “خالد شكشك”، واتخذ فيه رئيس الحكومة كذلك إجراءات احترازية لتعزيز الشفافية في عقود التطوير والمشاركة داخل قطاع النفط.