Skip to main content

الوسم: الاقتصاد الليبي

“حسني بي”: اقتصاد الظل والمضاربات جميع مصادرها أموال عامة تمثل نزيفا خفيّا يلتهم مليارات الدولارات

يعيش الاقتصاد الليبي منذ سنوات تحت ضغط سلسلة من الممارسات المضاربية، نتيجة سياسات مالية ونقدية، فتحت الباب أمام نزيف مالي هائل ينعكس مباشرة على القدرة الشرائية للمواطن، وعلى استقرار المالية العمومية والنظام النقدي لليبيا .
وتشير المعطيات إلى أنّ ثلاثة مجالات رئيسية تمثّل أكبر منافذ الهدر “سوق الصرف، الصكوك البنكية، وقطاع المحروقات والطاقة”.
مجموع هذا النزيف يتجاوز عشرات المليارات سنوياً، ما يجعل الظاهرة أقرب إلى “اقتصاد موازٍ” يمتصّ موارد الوطن ويعيق أي إصلاح تنموي حقيقي يخدم الوطن .

  1. المضاربة على فارق سعر
    الدولار: سوق علني حتى ان يجب ان يكون صامت بحجم يفوق 20 مليار دولار سنوياً
  • يُتداوَل في السوق الرسمي و الموازي أكثر من 20 مليار دولار سنوياً بين بيع وشراء مصارف و سوق موازي .
  • ومع الفارق الكبير بين سعر الصرف الرسمي والسوق السوداء، ترتفع فرص المضاربة إلى ما يقارب 20% من الحجم المتداول.
    ذلك يعني أنّ أرباحاً تُقتنص خارج المنظومة المالية الشرعية تقدَّر بنحو:
    4 مليارات دولار سنوياً وهي أرباح
  • لا تخضع للرقابة ولا للضرائب
  • تُستخدم في تغذية شبكات وساطة ترفع الضغط على الدينار
  • تزيد من نسب التضخم، ما ينعكس مباشرة على أسعار السلع الأساسية والمواد المستوردة.
  1. “حرق الصكوك” في السوق النقدية: تقدر ب 25 مليار دينار تتبخر سنوياً
    يتداول السوق نقداً ما يقارب 120 مليار دينار سنوياً في شكل تعاملات مباشرة، بعيداً عن القنوات البنكية.
    وفي ظل شح السيولة ورفض بعض المتعاملين التعامل بالصكوك، تتحول هذه الأخيرة إلى سلعة مضاربية يُخصم منها ما يصل إلى 25% من قيمتها تحت ما يعرف بـ “حرق الصكوك”.
    وتشير التقديرات إلى أنّ الخسائر الناتجة عن هذا السلوك تصل إلى:
    25 مليار دينار سنوياً
    وهو مبلغ يكفي لتغطية برامج دعم اجتماعي واسعة أو لتمويل مشاريع بنية تحتية كبرى.
    هذا النوع من المضاربة:
  • يعكس أزمة ثقة بين المواطن والمؤسسات المالية،
  • ويفاقم خروج السيولة من البنوك.
  • يفسد موضفي القطاع المصرفي
  1. المضاربة في قطاع المحروقات والطاقة:
    نزيف يعادل 6 مليارات دولار سنوياً
    يبلغ إجمالي الإنفاق السنوي على المحروقات والطاقة بين 12 و14 مليار دولار.
    لكن جزءاً كبيراً من هذه الكتلة المالية يُستنزف بسبب:
  • فرص التهريب عبر الحدود
  • السرقات من شبكات التوزيع
  • المضاربة في الأسعار والكميات
    وتُقدَّر هذه الخسائر بما يقارب:
    6 مليارات دولار (أي حوالي 32 مليار دينار)
    ما يعني أنّ المواطن يخسر نصف ما ينفقه تقريباً على هذا القطاع الحيوي، وهو ما يضع ضغطاً كبيراً على الميزانية وعلى فاتورة الدعم.

تقدير إجمالي للنزيف الاقتصادي
عند تجميع الخسائر من المجالات الثلاثة، نصل إلى:

  • المضاربة على الدولار: 4 مليارات دولار
  • حرق الصكوك: 25 مليار دينار
  • المحروقات والطاقة: 6 مليارات دولار (32 مليار دينار)
    أي ما يعادل أكثر من 16 مليارات دولار سنوياً او ما يقارب 100 مليار دينار ، وهو رقم يكفي لتمويل:
  • بناء آلاف المدارس والمستشفيات
  • تطوير شبكات النقل والطاقة
  • تخفيض الدين العمومي
  • تحسين الأجور والقوة الشرائية

إن استمرار هذا الوضع يعني أن الاقتصاد الرسمي بات محاصراً باقتصاد موازٍ حجمه يكاد ينافس ميزانية الحكومة .
الحلول موجودة… لكن القرار يتأخر
وفق بحجة ” توحيد الحكومة ” للاسف ذلك حسب طلب خبراء الاقتصاد ومسؤولين سابقين، فإن الحلول ليست معقّدة كما قد يبدو، وتشمل رغم الاتقسان و الحلول تتمثل في :

  • تعصير منظومة الدفع الإلكتروني وإنهاء عصر “الكاش”.
  • إصلاح سوق الصرف وتوحيد الأسعار تدريجياً.
  • رقمنة قطاع المحروقات من الإنتاج إلى التوزيع لمنع التهريب.
  • إعادة الثقة في البنوك عبر تسهيل معاملات الصكوك.
  • تعزيز الرقابة الجمركية والمالية بأدوات تكنولوجية.
    غير أنّ ما ينقص فعلياً هو الإرادة السياسية للمرور إلى التنفيذ، لأن كلفة التأجيل لم تعد تحتمل.

“أبوسيف اغنيه” يكتب: التجارب الحديثة في الصكوك السيادية وإمكانية الاستفادة منها في ليبيا

كتب: د. أبوسيف الزروق اغنيه / الخبير الدولي في الاقتصاد والتمويل الإسلامي

في خطوة غير مسبوقة على مستوى سوق الدين المحلي، أطلقت مصر أخيرا أول إصدار من الصكوك السيادية بالجنيه المصري بقيمة 3 مليارات جنيه، وبأجل ثلاث سنوات، وبعائد تنافسي بلغ أكثر من 20%.

وقد شهد الطرح إقبالًا كبيرًا من المستثمرين المحليين والدوليين، حيث تجاوزت التغطية في الطرح الأول خمسة أضعاف القيمة المطروحة، مما يعكس ثقة عالية في أدوات التمويل الإسلامي كبديل مرن ومستدام للديون التقليدية.

تأتي هذه الخطوة في إطار سعي الحكومة المصرية لتنويع أدوات التمويل وتعزيز جاذبية السوق المالية وخفض تكلفة الدين العام، عبر آلية تعتمد على المشاركة لا الاقتراض، والاستثمار لا الاستدانة، وهي فلسفة تمويلية تتقاطع مع جوهر فكرة التمويل الجماعي (CrowdFunding) الحديثة.

تموذج يمكن أن يلهم ليبيا

تُعد تجربة الصكوك نموذجًا يمكن لليبيا الاستفادة منه في مسار تطوير أدوات التمويل الوطني، خصوصًا في ظل التحديات التي تواجه الاقتصاد الليبي وتراجع الاعتماد على التمويل الحكومي التقليدي.

فمن خلال تفعيل التمويل الجماعي المنظم، يمكن فتح الباب أمام المواطنين والقطاع الخاص للمشاركة في تمويل مشاريع البنية التحتية والزراعة والصناعة والطاقة وريادة الأعمال، بما يخلق حركة اقتصادية حقيقية ويُعزز روح المشاركة الوطنية في التنمية.

إن التمويل الجماعي لا يقوم فقط على جمع الأموال، بل على توسيع قاعدة الممولين والمستفيدين، وتحفيز المدخرات المحلية، وتفعيل دور المصارف والمؤسسات الاستثمارية في دعم المبادرات الإنتاجية، وإذا ما تم تنظيمه عبر إطار تشريعي ومصرفي واضح، فإنه قد يشكل أحد أهم ركائز الاقتصاد الإسلامي او التشاركي الحديث في ليبيا.

من الحديث إلى التطبيق

كنت قد أشرتُ في مداخلتي بندوة مصرف ليبيا المركزي الأخيرة حول الاستثمار إلى ضرورة أن تتجه ليبيا نحو ابتكار أدوات تمويلية غير تقليدية، على رأسها التمويل الجماعي، بوصفه وسيلة فعالة لتعبئة الموارد المحلية وتوجيهها نحو مشاريع حقيقية بدلًا من الركون إلى الحلول قصيرة الأمد.

ففي الوقت الذي تتسابق فيه دول الجوار على تحديث أدواتها المالية، بات من الضروري أن تفتح ليبيا نافذة إصلاحية جديدة في مجال التمويل والتنمية، وتستفيد من التجارب الإقليمية الناجحة، وتُترجمها إلى واقع اقتصادي مبتكرة وطريقة تنموية فعالة من شأنها أن تلامس تطلعات الشباب ورواد الأعمال والمستثمرين المحليين وتضيف عنصرًا فعالا للتنمية المستدامة.

“عز الدين عاشور” يكتب: استقرار سعر الصرف في ليبيا.. الأسباب والحلول

كتب: الخبير الاقتصادي “عز الدين عاشور”

تعاني ليبيا منذ سنوات من مشكلة عدم استقرار سعر الصرف ووجود سوق موازية (سوداء) تتجاوز أسعارها أحيانًا السعر الرسمي بنسبة 30% أو أكثر. فيما يلي شرح مبسط لأسباب هذه الظاهرة والحلول المقترحة للتغلب عليها.

أولاً: ما هي المشكلة؟

في ليبيا يوجد سعران للدينار مقابل الدولار:

1. السعر الرسمي الذي يحدده المصرف المركزي.

2. السعر في السوق الموازية (السوداء) الذي يتعامل به الناس فعليًا.

الفرق الكبير بينهما يفقد الثقة في الدينار ويخلق حالة من عدم الاستقرار.

ثانياً: لماذا يحدث هذا الفارق الكبير؟

• قلة الثقة في الدينار الليبي: عندما يخشى المواطنون من التضخم أو ضعف الاقتصاد، يلجأون إلى الدولار لحماية أموالهم.

• الاعتماد على النفط فقط: انخفاض عائدات النفط يؤدي إلى نقص الدولار في السوق.

• ضعف التنسيق بين الحكومة والمصرف المركزي: تأخر ضخ العملة الأجنبية عند زيادة الطلب.

• صعوبة الحصول على الدولار بالسعر الرسمي: الإجراءات المعقدة تدفع التجار إلى السوق الموازية.

• تهريب السلع والوقود: فرق السعر بين ليبيا والدول المجاورة يشجع على التهريب.

ثالثاً: كيف تحل المشكلة؟

المرحلة الأولى (قصيرة الأجل – 3 أشهر):

• الإعلان المسبق عن كميات وتوقيت ضخ العملة الأجنبية.

• تسهيل شراء الدولار للتجار والمواطنين لأغراض مشروعة.

• تنسيق مواعيد المصروفات الحكومية مع سياسة المصرف المركزي.

• توضيح الخطة الإعلامية وطمأنة المواطنين.

المرحلة الثانية (متوسطة الأجل – سنة):

• إنشاء سوق رسمية لتبادل العملات بين البنوك.

• توحيد تدريجي لسعر الصرف ليقترب الرسمي من الفعلي.

• تشغيل حساب الخزانة الموحد لتنظيم الإنفاق.

• إصلاح تدريجي لدعم الوقود لتقليل التهريب.

المرحلة الثالثة (طويلة الأجل – من سنة إلى سنتين):

• إنشاء صندوق استقرار لتنعيم أثر تقلبات أسعار النفط.

• تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.

• اعتماد سياسة نقدية حديثة تتحكم في التضخم من خلال ادوات فعالة .

• تعزيز الثقة في الدينار من خلال الشفافية والتنسيق.

رابعاً: ما يجب تجنّبه

• تثبيت السعر بالقوة دون وجود أدوات اقتصادية حقيقية.

• فتح السوق بالكامل دون ضوابط، مما يؤدي إلى قفزات في الأسعار.

• إخفاء المعلومات عن السوق، لأن الشائعات تزيد الاضطراب.

المشكلة في ليبيا ليست في السعر نفسه، بل في طريقة إدارة الاقتصاد ككل. إذا تم ضبط الإنفاق العام، وتحسين التنسيق بين السياسات المالية والنقدية، والتجارية وتسهيل الحصول على الدولار، وتنويع الاقتصاد، فسيستقر سعر الصرف بشكل طبيعي.

“رجب خليل”: الدولة يجب أن تبتعد عن التجارة بشكل نهائي ويكون دورها فقط التشريع والتنظيم والمراقبة

كتب: رجب خليل / وكيل وزارة الاقتصاد سابقا

السوق هو السوق لا يوجد سوق رسمي أو سوق موازي، السوق تخلقه الحاجة، السوق هو المكان أو البيئة التي يجد فيها المشتري حاجاته بأسعار جيدة ومواصفات يرغبها ويجد فيها البائع ضالته من المشترين وفرصة حقيقية للتنافس.

الدولة يجب أن تبتعد عن التجارة بشكل نهائي ويكون دورها فقط التشريع والتنظيم والمراقبة، تمنع الاحتكار والإغراق والغش والتزوير.

الدولة الرشيدة لا ترشي الشعب بالدعم، الدولة الرشيدة تحارب الفقر وتهيئ بيئة الأعمال لتوسيع الطبقة الوسطى، الدولة الرشيدة تبتعد عن المكياج في الإصلاح الاقتصادي والبنية التحتية، وتقوم بالتدخل الجراحي والكسر والجبر، الدولة الرشيدة توفر الامن بكل مستوياته وكافة مفاهيمه.

هذا يحتاج نفسا طويلا، وصبرا لا يملكه المرجفون من الذين قادتهم الصدف والفراغ للقيادة ومراكز القرار، ولا يملكه من تعودوا على الوقود والطاقة والسلع المدعومة ومرتبات دون مقابل ومنح الزواج وبطاقة إيفاء.

“علي الشريف”: النمو الحقيقي للاقتصاد يُقاس بقدرته على تحقيق التقدم في مختلف القطاعات الإنتاجية

قال أستاذ الاقتصاد “علي الشريف” إن النمو الحقيقي للاقتصاد يُقاس بقدرته على تحقيق التقدم في مختلف القطاعات الإنتاجية، بعيداً عن الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للدخل، مشيرا إلى أنه عندما تتوسع الأنشطة الصناعية، ويتطور قطاع الخدمات، وتزدهر الزراعة والتقنيات الحديثة، يصبح الاقتصاد أكثر تنوعاً واستقراراً.

وأضاف بأن الاعتماد المفرط على العوائد النفطية، يُظهر نمواً مؤقتاً قد يخفي هشاشة البنية الاقتصادية وضعف قدرتها على مواجهة التقلبات، لذلك يُعد التنويع الاقتصادي حجر الأساس لبناء اقتصاد قوي ومستدام، يعكس فعلاً إمكانات الدولة الحقيقية ويضمن استمرارية الازدهار على المدى الطويل.

“حلمي القماطي”: أزمة السيولة في ليبيا هي نتيجة لاختلال هيكلي في توزيع القاعدة النقدية وليس في حجمها الكلي

كتب: د. حلمي القماطي – أستاذ الاقتصاد

تشير البيانات الربع سنوية الصادرة عن مصرف ليبيا المركزي حتى 30 يونيو 2025 إلى أن أزمة نقص السيولة النقدية في المصارف التجارية ليست ناتجة عن ندرة في إجمالي العرض النقدي، بل عن اختلال هيكلي في مكونات القاعدة النقدية (Currency with Public + Bank Reserves)، أي في توزيع السيولة بين الجمهور والمصارف والبنك المركزي.

منذ عام 2014، لوحظ تراجع متواصل في نسبة العملة المتداولة إلى إجمالي احتياطيات المصارف لدى المركزي (C/R)، حيث انخفضت من مستويات تجاوزت (1.4 : 1) إلى أقل من (0.8 : 1) خلال عام 2025. هذا التراجع تزامن مع:

• رفع نسبة الاحتياطي القانوني من 20% إلى 30%
• وزيادة حجم الودائع الإضافية لدى المركزي، لتصل إلى إجمالي يقارب 50% من ودائع المصارف.

هذه التطورات أدت إلى انكماش فعلي في السيولة المتاحة داخل النظام المصرفي، رغم بقاء إجمالي القاعدة النقدية شبه ثابت، نتيجة انتقال جزء كبير من السيولة من التداول إلى حسابات مجمدة داخل المصرف المركزي.

عمليًا، سحب الفئات النقدية (1، 5، 20، 50 دينارًا) وإعادة إصدار عملة بديلة بقيمة أقل (25 مليار مقابل 47 مليار مسحوبة) خفّض القاعدة النقدية بنحو 22 مليار دينار. ووفقًا لحسابات المضاعف النقدي فقد انخفض عرض النقود بمقدار يقارب 23.3 مليار دينار، نتيجة الانكماش في B وارتفاع rr.

وبناءً على هذه المؤشرات، فإن نقص السيولة بالمصارف يرجع إلى:

1. ارتفاع متطلبات الاحتياطي القانوني والإضافي (احتجاز نقدي داخل المركزي).
2. انخفاض نسبة العملة المتداولة إلى الاحتياطي لما دون (1.1)، ما قيّد تدفق النقد للسوق.
3. خلل في إدارة عملية سحب وإعادة إصدار العملة دون توازن بين حجم السحب والضخ.

ويتوقع أن ضخ عملة إضافية بقيمة 14 مليار دينار قبل نهاية 2025، و21 مليار خلال الربع الأول 2026، سيرفع النسبة إلى نحو (1.6 : 1)، وهو ما يُرجّح أن يعيد التوازن إلى القاعدة النقدية ويُخفف أزمة السيولة تدريجيًا.

من الأخير أزمة السيولة في ليبيا هي نتيجة لاختلال هيكلي في توزيع القاعدة النقدية وليس في حجمها الكلي، إذ أدى تراكم الاحتياطيات لدى المصرف المركزي مقابل تراجع العملة المتداولة إلى تقليص السيولة الفعلية المتاحة للجمهور. وبالتالي، فإن إعادة هيكلة مكونات القاعدة النقدية وضبط نسب الاحتياطي القانوني والاختياري تمثل المفتاح الأساسي لاستعادة الاستقرار النقدي وتحسين كفاءة السياسة النقدية.

“أكرم الغزيوي”: خطوة مهمة في طريق إصلاح السياسة النقدية.. ومصرف ليبيا المركزي يفتح الباب

كتب: أكرم عبدالله الغزيوي / باحث اقتصادي ونائب مدير عام شركة التكافل للتأمين

في زمن تحتاج فيه ليبيا لأدوات مالية نظيفة وفعالة، مصرف ليبيا المركزي يطلق شهادات إيداع شرعية، تبني الثقة وتنظم السوق.

شن معناها؟
يعني البنوك تودّع فلوسها في المصرف المركزي، والمصرف يستثمرها بعقد مضاربة ، وبعد سنة يرجّع الفلوس مع الربح الحلال.

ليش مهم؟
لأنها أداة جديدة تمتص السيولة الزايدة، وتخلي الفلوس تشتغل في مشاريع حقيقية، مش تتراكم بفائدة محرّمة.

وين الفرق؟
المصارف الإسلامية ما تربح من الفائدة، تربح من الاستثمار… وهذه الشهادة هي البديل الشرعي لسعر الفائدة، وتخدم الاقتصاد الوطني.

من شهادة إيداع إلى شهادة إصلاح
كل خطوة نقدية مدروسة هي لبنة في بناء قطاع مصرفي ليبي محترف، يحترم الدين، ويخدم التنمية ويشجع على زيادة الوداع في القطاع المصرفي.

“رافع الشاوش”: ينبغي على جميع الليبيين أن يتكاتفوا ويقفوا خلف المحافظ ويدعموا استمرار عملية الإصلاحات

كتب: المهتم بالشأن الاقتصادي “رافع الشاوش”

ينبغي على جميع الليبيين أن يتكاتفوا ويقفوا خلف المحافظ، وأن يدعموا استمرار عملية الإصلاحات بكل حزم وقوة، دون أن يسمحوا بتعريض الوطن ومقدراته لمخاطر العابثين وممارساتهم الهدامة.

أما فيما يخص أداءه المهني، فهو محكومٌ بضوابط ومعايير مهنية صارمة، وقائم على مفاهيم وأُسس احترافية رصينة، كما أنه يخضع للمراجعة الدقيقة والتقييم الموضوعي تحت مجهر خبراء الاقتصاد والمال، فإن نال عمله قبولَ تلك النخبة من الخبراء والمختصين، فإنه بذلك يكون قد أنجز المهمة المُوكلة إليه بمهنية عالية، ويكون قد برئ ذمته من أي مسؤوليات أخلاقية أو قانونية.

وفي المقابل، فإن طائفة المتصارعين على السلطة التى تريد إقالة المحافظ تفتقر تماماً إلى أي معيار واضح، أو منهجية عمل رشيدة، أو أُسس سليمة، كما تخلو أجنداتهم من أي أهداف وطنية نبيلة، كل ما يصبون إليه هو جرّ المصرف المركزي إلى حلبة صراعاتهم الضيقة، فلا ينبغي له أن يلتفت إليهم أو لضغوطهم، وحتى لو تمت إقالته نتيجة لذلك، فإن ذلك سيشكل وسام فخر على صدره، وسيسجل اسمه في سجلات الأداء الوطني والمهني بأحرف من ذهب.

“حسني بي”: دعوة إلى تغليب المصلحة الوطنية وتوحيد السلطة النقدية لضمان الاستقرار المالي والنقدي في ليبيا

أعرب رجل الأعمال حسني بي عن قلقه ودهشته إزاء التصعيد الإعلامي المتزايد عبر الفضائيات ومنصات التواصل الاجتماعي، عقب صدور بيان مصرف ليبيا المركزي بشأن استبدال الفئات النقدية (1 – 5 – 20 – 50 ديناراً) خلال عام 2025، مؤكدًا أن هذه الخطوة تمثل إجراءً جريئًا وضروريًا نحو تحقيق الاستقرار النقدي الذي طال انتظاره منذ انقسام السلطة النقدية عام 2014 وإيقاف المقاصة المصرفية الوطنية و ما نتج عنها من تباعيات انشاء مقاصة موازية و طباعة عملة بروسيا .

وأضاف قائلاً: “كل ما نرجوه اليوم هو تجنب تكرار تجربة الانقسام النقدي، التي عانى منها الوطن بعد عام 2014، وما خلفته من أضرار اقتصادية واجتماعية ما زلنا نتعامل مع نتائجها حتى الآن. نحن أبناء عام 2025، والاستقرار بالنسبة لنا يعني الانطلاق من حيث وصلنا، لا العودة إلى الوراء. علينا أن نترك الماضي للمؤرخين والقضاء، وأن نوجّه جهودنا نحو المستقبل.”

وأشار إلى أن عرض النقود في ليبيا شهد نمواً غير مسبوق؛ إذ بلغ في عام 2014 نحو 69 مليار دينار، بينما وصل في منتصف عام 2025 إلى حوالي 186.9 مليار دينار بعد إضافة قيمة العملة المطبوعة في روسيا والمقدّرة بـ30 مليار دينار ، أي بمعدل نمو تجاوز 300% خلال عقد واحد، وهو ما يعكس التحديات الكبيرة أمام تحقيق الاستقرار النقدي و معدل عام الاسعار والحد من التضخم.

وفي هذا السياق، بيّن “حسني بي” أن بيانات المصرف المركزي الأخيرة كشفت عن فارق كبير في تقديرات العرض النقدي، حيث بلغت قيمته 188 مليار دينار حتى 31 ديسمبر 2024، مقابل 158 مليار دينار في التقارير السابقة، أي بزيادة تقارب 19%، بينما وصل الفارق في نهاية عام 2022 إلى 27%.

وأوضح أن هذه الفروقات تطرح تساؤلات جوهرية حول دقة البيانات النقدية السابقة، وتؤكد أهمية توحيد البيانات والمصادر بعد سنوات من الانقسام الإداري ووجود مقاصة موازية في المنطقة الشرقية منذ أكتوبر 2014، كما أشار إلى أن العملة المطبوعة في روسيا، التي كانت تُقدر سابقاً بـ20 مليار دينار حسبما أقر المراجع الدولي “Deloitte”، تبيّن أن قيمتها الفعلية بلغت 30 مليار دينار بعد عملية السحب من التداول، بفارق 10 مليارات دينار عن التقديرات السابقة.

وبيّن أن المصرف المركزي سحب عملة نقدية من فئات صغيرة ومتوسطة بقيمة إجمالية بلغت 47 مليار دينار، وأصدر في المقابل عملة جديدة بقيمة 25 مليار دينار فقط، أي بفقدان نقدي فعلي يقدّر بـ22 مليار دينار، كما أكد أن الاعتراف بالواقع المالي الحقيقي يمثل الخطوة الأولى نحو رسم سياسات نقدية مسؤولة تستند إلى بيانات دقيقة ومؤشرات واقعية، موضحًا أن أي خلل في البيانات أو السياسات النقدية ينعكس مباشرة على الاقتصاد الوطني وعلى المواطن الليبي من خلال التضخم وتراجع القوة الشرائية.

وشدد “حسني بي” في ختام حديثه على أن المرحلة المقبلة تتطلب رؤية موحدة وتخطيطًا شفافًا لمستقبل اقتصادي مستقر، يقوم على المصارحة والمحاسبة والعمل المؤسسي، بعيدًا عن الانقسامات والتجاذبات الجهوية، قائلاً: “الاستقرار النقدي لا يمكن تحقيقه بالعودة إلى الوراء، لأن ذلك لن يؤدي إلا إلى الركود والانهيار، بل يتحقق من خلال التفاهم والتكامل والعمل بروح وطنية خالصة لتحقيق مستقبل مختلف وأفضل”.

“علي الشريف”: ظاهرة الإصدارات النقدية خارج النظام المصرفي تتطلب تشكيل لجنة مشتركة بشكل عاجل للتحقيق وضبط الجهات المتورطة

كتب: الخبير الاقتصادي “علي الشريف”

تُعزى ظاهرة الإصدارات النقدية خارج النظام المصرفي بالدرجة الأولى إلى الانقسام السياسي وما ترتب عليه من انقسام في المؤسسة النقدية المركزية، الأمر الذي أضعف وحدة القرار النقدي وأدى إلى غياب التنسيق والرقابة الفعّالة على عمليات الإصدار.

هذا الوضع أسهم في خلق بيئة تسمح بتداول نقدي غير قانوني، مما تسبب في تهديد خطير للاستقرار النقدي والمالي، كما نتج عنه فقدان المصرف المركزي السيطرة على العرض النقدي وارتفاع معدلات التضخم، إضافة إلى ذلك، أدى إلى تنامي الاقتصاد الموازي وغسيل الأموال وتمويل الأنشطة غير المشروعة، وهو ما أضعف الثقة في العملة الوطنية وقوّض دور الجهاز المصرفي في تمويل الاقتصاد.

ولمعالجة هذه الأزمة، يتطلب الأمر تدخلاً عاجلاً عبر تشكيل لجنة مشتركة للتحقيق وضبط الجهات المتورطة، كما ينبغي أن يقوم المصرف المركزي الموحد بمراجعة إجراءات إصدار العملة وتعزيز خصائص الأمان فيها، ومن الضروري كذلك تشديد العقوبات القانونية على التزوير والإصدار غير المشروع.

في المقابل، يجب إطلاق حملات توعية وتحفيز المواطنين على التعامل عبر البنوك والقنوات الرسمية، ويساعد على ذلك توسيع الشمول المالي والتحول إلى أنظمة الدفع الرقمي لتقليل الاعتماد على النقد الورقي، وبذلك يمكن أن نصل إلى استعادة الثقة في النظام المصرفي وتحقيق استقرار نقدي ومالي يعزز الاقتصاد الوطني.