افتتح الكاتب مقاله من خلال رسم مشهد لحوالي 20 عنصرا من المقاتلين الموجودين في مبنى المدرسة الفارغة من جهة، والمقاتلين الروس المدججين بالسلاح والذين كانوا يرتدون زيا داكنا، محاصرين، يتذكرون بعض رجال الميليشيات الليبيين الذين كانوا هناك من جهة ثانية.
وأشار التقرير إلى أنه مع
تقدم الليبيين، فتح القناصة النار من الداخل ببنادق عالية القوة. وفي غضون
دقائق، قتل ثلاثة من رجال الميليشيات الليبية، وأصيبوا جميعا على
مستوى الرأس.
وأكد راغافان أنه نقلا عن
قادة عسكريين ليبيين ومقاتلين بالإضافة للجيش الأمريكي وغيره من المسؤولين
الغربيين ،فإن المئات من المرتزقة الروس، الذين يعد الكثير منهم مدربون
على مستوى عال والمدججين بالسلاح، يقاتلون إلى جانب القائد الليبي الذي نعته
بالمنشق خليفة حفتر، معتبرا أنه سعى لإسقاط الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة وفق
مقاله.
واعتبر التقرير أن هؤلاء الأجانب
الذين يقاتلون من أجل الجيش الوطني الليبي والذين وصفهم حفتر بتكتيكات وقوى نارية
جديدة في ساحة المعركة، سيهددون بتمديد صراع الأكثر عنفا في هذا البلد،
الواقع في شمال أفريقيا منذ ثورة الربيع العربي قبل ثماني سنوات.
ونقل المقال تصريحا للقائد
الأعلى لقوات الحكومة الليبية أسامة الجويلي الذي اعتبر أن دخول القوات الروسية في
الحرب غيّر ساحة المعركة، مضيفا أن وجودهم عقّد الأمور بالنسبة لهم.
وأشار المقال إلى أنهم يمثلون
آخر تصعيد في الحرب الليبية، والتي اجتاحت الدول الأوروبية والعربية، وخاصة
الإمارات العربية المتحدة ومصر، رغم الحظر الدولي على الأسلحة، مضيفا أن وصول
هؤلاء المرتزقة يأتي في وقت تقوم فيه روسيا بتوسيع نطاق انتشارها العسكري
والدبلوماسي في جميع أنحاء الشرق الأوسط وأفريقيا وخارجها، حيث تتمتع بنفوذ أكبر
في أماكن مثل سوريا أين تنسحب الولايات المتحدة.
واستشهد التقرير باعتراف
المتحدثة باسم القيادة الإفريقية للجيش الأمريكي ريبيكا فارمر بعلمهم على دراية
بوجود الشركات العسكرية الروسية الخاصة العاملة في الأراضي التي يسيطر عليها الجيش
الوطني الليبي في شرق ليبيا، مضيفة أنها تعمل في غرب ليبيا.
وأوضح التقرير أن كبار القادة
العسكريين في الحكومة الليبية قدروا عدد المرتزقة الروس بـ 300 عنصر على أساس
مصادر استخباراتهم داخل منطقة حفتر، حيث أكد أحد القادة الكبار متابعتهم للوضع
هناك.
كما ضمّن راغافان اعترافات بعض المقاتلين الموالين للحكومة التي تأكد أن المرتزقة كانوا روسيين من خلال محادثاتهم على الأجهزة المحمولة، حيث يستطيع كلا الجانبان الوصول إلى ترددات بعضهما البعض أحيانا، مضيفا أن المقاتلين الموالين للحكومة كانوا يتحدثون باللغة الروسية، مستشهدين بمعركة المدرسة الخالية، حيث سمعوا مقاتلي العدو يصرخون بأسماء وأوامر باللغة الروسية.
كماعرض أحدالمراسلين في صحيفة واشنطن بوست بطاقات الهوية الروسية والوثائق والمواد الأخرى الخاصة بالروس التي عثر عليها في موقع الاشتباكات، وكذلك الصور ومقاطع الفيديو للمرتزقة الذين التقطهم مقاتلو الميليشيات الليبية.
وأورد التقرير ما قاله المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي لحفتر، العقيد أحمد المسماري كون تقارير الروس هي أخبار مزيفة، مشيراأن جميع المقاتلين هم ليبيون.
وأشار المقال إلى رفض المتحدث باسم بوتين ديمتري بيسكوف،الإجابة على الأسئلةالتي بعثت بها الصحيفة حول المرتزقة، قائلاً إن "الكرملين ليس لديه هذه المعلومات" ، في حين قال متحدث باسم بريجوزين إن رجل الأعمال "لا علاقة له بما يسمى" wagner" وهي "شركة عسكرية خاصة" رافضا التعليق.
هجوم حفتر
وأورد التقرير تصريحات القادة والمقاتلين الليبيين الذي أكدوا أن المرتزقةالروس دخلوا ليبيا في سبتمبر، أي بعد 6 أشهر من هجوم حفتر على العاصمة.
وعرّفت الصحيفة القائد الذي يبلغ 75 عاما، موضحة أنه جنرال سابق في جيش القذافي، وهو مواطن أمريكي وليبي مزدوج ويعيش لسنوات في ولاية فرجينيا الشمالية، متحالف مع حكومة شرقية منافسة.
وأوضح المقال أن قواته، المؤلفة من ميليشيات شرقية، تقاتل جماعات مسلحة من طرابلس وغيرها من المدن الغربية المتحالفة مع حكومة الوفاق الوطني، مضيفة أن الصراع أسفر عن مقتل أكثر من 1000 شخص، بينهم 100 مدني على الأقل، وطرد أكثر من 120 ألف شخص من ديارهم ، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية.
وأشار كاتب التقرير إلى دعم حفتر من طرف المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر، إلى جانب فرنسا، فيما أشار إلى دعم كل من إيطاليا ودول أوروبية أخرى، إضافة إلى تركيا وقطر لحكومة التي تتخذ من طرابلس مقرا لها.
وإعتبر التقريرأن السياسة الأمريكية غير مؤكدة منذ أبريل عندما أقر الرئيس ترامب هجوم حفتر في مكالمة هاتفية، مضيفا أن للاتحاد السوفياتي السابق علاقة وثيقة مع القذافي، حيث أرسل مستشارين عسكريين وأسلحة إلى ليبيا خلال السبعينيات والثمانينيات.
كمابين المقال أنه بالنسبة لحفتر، يرى المحللون بموسكو أن هناك فرصة لاستعادة مليارات الدولارات من العقود النفطية والعسكرية المربحة التي خسرتها عندما قتل القذافي، حيث قامت روسيا بطبع مليارات الدولارات الليبية لدعم اقتصاد شرق ليبيا والمساعدة في تمويل حملة حفتر العسكرية، مشيرا لمنع روسيا صدور بيان مجلس الأمن الدولي الذي سعى إلى إدانة هجوم حفتر.
تكتيكات جديدة وجروح جديدة
وصف المقال مشهدا انطلق بركض المقاتلين الليبيين بسرعة بين المنازل المليئة بقذائف الهاون والرصاص على طول خط المواجهة في جنوب طرابلس لتجنب الوقوع في أعين القناصة الروس.
أما في الطابق الثاني من قصر نصف مدمر، فأطل القائد خليفة النلوتي في مجمع سكني على بعد 100 ياردة، قائلا "الروس موجودون هناك، من الخطر الوقوف هنا."
وواصل المقال واصفا المشهد حيث كان المقاتلون الليبيون من كلا الجانبين غير منضبطين، وغالبًا ما يطلقون النار بشكل مفرط وعشوائي على الأهداف، مضيفا أن المقاتلين الليبيين أكدوا أن الروس، في المقابل، ينتقلون في مجموعات صغيرة ويهاجمون من مواقع جانبية، معظمهم في الليل أو في ساعات الصباح الباكر، محافظين على ذخيرتهم، مطلقين النار في الأوقات المثالية و بدقة.
حيث استعرض التقرير تصريحات جابر أبو دبوس أحد رجال الميليشيات الذي قال إن أسلوب القتال مختلف عما هم متعودون عليه، مضيفا أنهم يقاتلون بطريقة محترفة."
والروس قد لا يقاتلون فحسب بل يدربون قوات حفتر أيضا.
وأشارالمقال إلى أنه منذ وصول الروس، بدأت قوات حفتر في استخدام أساليب عسكرية جديدة وأسلحة جديدة على حد تعبير مقاتلي الميليشيات الحكومية.
وتحول كاتب التقرير إلى المستشفى الميداني الوحيد في العزيزية، وهي بلدة صغيرة تبعد 25 ميلًا جنوب غرب طرابلس ، مؤكدا أن الأطباء عالجوا أنواعًا جديدة من إصابات الحرب على مدار الأسابيع القليلة الماضية.
واستحضر التقرير تصرحا لكبار الجراحين شرط عدم الكشف عن هويته خشية على أقاربه الذين يعيشون في مناطق يسيطر عليها حفتر، أكد فيه أن كل إصابة بطلق ناري كانت على مستوى الرأس أوالصدر.
واستخلص الكاتب من تلك المعطيات خبرة لدى القناصة، فيما كانت قذائف الهاون تضرب أهدافًا بدقة أكبر، مشيرا إلى ملاحظة الطبيب التي تؤكد أنهم أصبحوا أكثر دقة في الأسابيع الثلاثة الماضية.
وأكد الطبيب أن جروح الرصاص كانت صغيرة بشكل غير عادي في ست وفيات على الأقل, موضحاأن الرصاص لم يخرج من الجثة، مما يبين وجود أسلحة وذخيرة حديثة، مؤكدا أن توقيت المعارك وأنواع الإصابات والطريقة التي يموت بها الناس قد تغيرت مؤخرا، ففي النزاعات السابقة، الجرحى يصلون خلال النهار، حيث ينتهي القتال عادةً عند حلول الظلام، أما الآن فيرون المزيد من الضحايا يصلون في الظلام قبل الفجر.
التعافي من الروس
واستعرض التقرير ما رواه مقاتلون كانوا بمدرسة أولاد تيلسي متعددة الطوابق في العزيزية، أين كان هناك عشرات المقاتلين الموالين للحكومة في الطوابق العليا، حيث اندلع تبادل لإطلاق النار اثر دخول الروس المجهزين جيدا بالقنابل اليدوية للمدرسة، حيث أطلق رجال الميليشيا النار من بنادقهم من طراز AK-47 على أي مرتزق حاول صعود الدرج.
وأوضح المقال أن رجال الميليشيات أكدواأن بعض رجال المرتزقة كانوا شقر ويرتدون خوذات وسترات سوداء مضادة للرصاص وملابس خضراء وسوداء، ويحملون حقائب ظهر سوداء بها هوائيات صغيرة وبنادق سوداء حديثة، أطلقت بسرعة.
وواصل التقرير ساردا أنه بعد فترة وجيزة، قام الجزء الأكبر من المرتزقة بإطلاق النار من نوافذ المدرسة على المقاتلين الموالين للحكومة في الخارج والذين يحاولون التقدم.
حيث قال محمد عبد القادر الذي يبلغ من العمر 30 عاما، وهو أحد رجال الميليشيات الليبية في الطابق العلوي "كنا محظوظين "لو كانوا يقاتلوننا جميعا، لما نجينا".
وأكد التقرير أن المعركة استمرت ما يقارب 24 ساعة، مضيفا أن المقاتلون الموالون للحكومة تقدموا في الصباح الباكر في العربات المدرعة التركية إلى المدرسة ، حسب قول محمد حمادي ، القائد البالغ من العمر 33 عامًا والذي كان هناك. فجر المرتزقة حفرة في جدار القسم ولاذوا بالفرار.
وذكرت واشنطن بوست أنه تم العثور على بطاقة تقاعد لروسي من مواليد 25 نوفمبر 1969 من مدينة تومسك بسيبيريا، بالإضافة إلى بطاقة ائتمان روسية وبطاقة للمحلات الروسية التي تبيع الزي العسكري والبقالة ومواد البناء و بطاقة Decathlon ، وهو متجر لبيع الملابس في جميع أنحاء أوروبا، كما عثر في موقع الاشتباكات على بطاقات صغيرة تحمل صور القديسين المسيحيين الأرثوذكس والصلوات الروسية.
كما ذكر المقال أنه تم العثور على هاتف محمول يعود لمقاتل روسي بعد اشتباك آخر وقع مؤخراً، يحتوي على صور لرجال يرتدون زياً عسكرياً في الاتحاد السوفيتي وقبعة سوداء مع نص روسي لوزارة الدفاع في الاتحاد السوفياتي، كماأظهرت صورة أخرى علامة باللونين الأسود والأصفر مكتوبة باللغة الروسية بعنوان "مشاة البحرية الروسية"أي مماثل روسيا لقوات المارينز، إضافة لعبارة "أينما كنا هناك النصر" ، وصورة لشيفرون من لواء الهجوم الجوي للكتيبة 165 من مشاة البحرية الروسية.
وأشار التقرير إلى استعادة رجال الميليشيات صور الزوجات والأطفال في مواقع الاشتباكات المختلفة، بالإضافة إلى صناديق أقراص وأدوية أخرى صنعت في روسيا من أجل الأنفلونزا والصداع وحتى للتحكم بالمثانة.
وأورد التقرير أنه من أبرزها الأسلحة الروسية الصنع الحديثة التي تم اكتشافها على الخطوط الأمامية، وهي تشمل قاذفات القنابل الآلية، والألغام الأرضية على شكل قنابل، والقنابل الصوتية وغيرها من المتفجرات.
وتم العثور على دفتر مسترجع توجد به رسومات مكتوبة بخط اليد وتدوينات في قائمة الأسلحة الروسية وغيرها من المعدات العسكرية وخرائط ساحة المعركة والإحداثيات الجغرافية والمهام القتالية والنشاط العسكري، دليل أسلحة روسي يوضح كيفية بناء الألغام والقنابل وكيفية استخدام الأسلحة الصغيرة. تم العثور على منقلة بلاستيكية وأداة كهربائية لقياس المسافات لإطلاق قذائف الهاون في موقع المعركة.
وختم التقرير بقول الجويلي القائد الأعلى"لم نر هذه الأسلحة من قبل في ساحة معركة ليبية".