“حسني بي”: انهيار الاقتصاد الليبي.. أزمة الميزانية والعجز يتفاقم دون تقييم الإيرادات الواجبة لمواجهة النفقات
قال رجل الأعمال “حسني بي” إنه في ظل استمرار تدهور الوضع المالي، يعيش الاقتصاد الليبي أزمة عميقة تُهدد استقرار العملة الوطنية، وتجاهل الحكومة وُفي غياب الرقابة على الإنفاق ومع عدم تحديد مصادر الإيرادات، يزيد من تراكم العجز المالي، حيث تجاوز 200 مليار دينار منذ عام 2013، أي ما يزيد عن 100% من الناتج المحلي الإجمالي المقدر لعام 2025، وفق بيانات وتقارير مصادر مالية ونقدية واقتصادية مطلعة.
تجاوزات وسوء إدارة السياسات المالية والنقدية تسببت في تدهور قيمة الدينار
وبحسب الخبراء الماليين، فإن القانون الليبي يمنع تمويل العجز المالي خلال أية سنة بنسبة تتجاوز 20% من الميزانية المقترحة، والقانون يُلزم الحكومة تسوية الديْن العام خلال السنة التالية، إلا أن الحكومات المتتالية والمتصارعة اقتربت من تجاوز هذا الحد بخمسة أضعاف منذ 2013، الأمر الذي ساهم بشكل مباشر في انهيار قيمة الدينار الليبي بنسبة تصل إلى 80% خلال السنوات الـ12 الماضية، حيث كان سعر الصرف الرسمي 1.40 دينار للدولار عام 2013، والآن يتجاوز 7 دينار للدولار، في مؤشر على تدهور القدرة الشرائية للمواطنين وانهيار عملته.
مصرف ليبيا المركزي.. بين المسؤولية والتحديات “المطرقة والسندان”
ويُعد مصرف ليبيا المركزي، الذي يُعتبر “مصرف المصارف” و”مصرف الحكومة ” وأساس مهامه ”حامي العملة الوطنية” و”كابح للتضخم”، والقانون يوكل لمصرف ليبيا المركزي إدارة السياسات النقدية لتحقيق استقرار الأسعار، إلا أن خبراء يؤكدون أنه يواجه وضعاً صعباً، حيث عكس ما يعتقد الكثيرين فإن مصرف ليبيا المركزي لا يملك من دينارات إلا رأس ماله الصغير والذي يقدر بمليار دينار، لكنه يمتلك أدوات لتمويل العجز إلا أن هذا التمويل النقدي للعجز يتسبب في انهيار قيمة الدينار، وهو ما يجعل تمويل العجز عبر إصدار النقود أمراً غير ممكن ويجب أن يكون مرفوضا، وإن حدث سيساهم في التضخم وغلاء الأسعار وانهيار الدينار ويتسبب في الفقر العام.
الإنفاق الحكومي يجب ألا يتعدى الإيراد الحكومي إلا أن الحكومات تستسهل الإنفاق
وفيما يخص الإنفاق العام، تشير التقارير إلى أن حوالي 93% من الميزانية تعتمد على عائدات النفط، التي تقدر بحوالي 195 مليار دينار، في حين أن الإنفاق التسييري، مثل استهلاك المحروقات والغاز، يتجاوز 77 مليار دينار سنوياً، وهو رقم لم يُدرج عادةً في الميزانية الرسمية، مما يضيق مساحة الرقابة ويزيد من الأعباء المالية.
أما حقيقة ومنها الإنفاق على دعم قطاعات الصحة والمياه والبيئة، فيتجاوز 18 مليار دينار، مع وجود قيمة 7 مليار دينار مخصصة لعلاوات الأطفال والمرأة والزوجة، وأخذا بما ينشر عن استثمارات تنموية تقدر بـ23 مليار دينار، ليصل إجمالي الإنفاق إلى حوالي 214 مليار دينار، وهو رقم يعكس حجم التحديات التي تواجه المالية العامة.
مخاطر وتوصيات
ويؤكد خبراء الاقتصاد أن عدم الالتزام بسياسات مالية رشيدة، وتجاهل الرقابة على الإنفاق، يهددان استقرار العملة الوطنية، ويعززان من مخاطر التضخم والتدهور الاقتصادي، مطالبين السلطات التشريعية والتنفيذية بتحمل مسؤولياتها في ضبط الإنفاق، وتوجيه الموارد بشكل يضمن استدامة مالية، وحماية قدرة المواطن الشرائية.
كما دعا المختصون إلى ضرورة وضع معايير حسابية واضحة لتقييم مخرجات الميزانية، ورفض تمويل العجز نقدياً، حفاظاً على قيمة الدينار، واستقرار الأسعار، ومنع تكرار الأزمات المالية التي أدت إلى انهيار العملة.
ختامًا..
في ظل هذه الظروف، يبقى السؤال الأهم: هل ستتخذ الحكومة والبرلمان إجراءات فعالة لمعالجة الأزمة المالية، أم أن استمرار السياسات الحالية سيقود إلى مزيد من التدهور الاقتصادي؟، وما هو الدور الذي يمكن أن يلعبه مصرف ليبيا المركزي في حماية الاقتصاد الوطني من الانهيار؟
المسؤولية الآن تقع على عاتق الجميع، وعلى السلطات أن تتحد لمواجهة التحديات والعمل على استقرار الاقتصاد الليبي، قبل أن تزداد الكوارث الاقتصادية سوءاً وتطول آثارها حياة المواطنين ومستقبل البلاد.