“حسني بي”: اقتصاد الظل والمضاربات جميع مصادرها أموال عامة تمثل نزيفا خفيّا يلتهم مليارات الدولارات
يعيش الاقتصاد الليبي منذ سنوات تحت ضغط سلسلة من الممارسات المضاربية، نتيجة سياسات مالية ونقدية، فتحت الباب أمام نزيف مالي هائل ينعكس مباشرة على القدرة الشرائية للمواطن، وعلى استقرار المالية العمومية والنظام النقدي لليبيا .
وتشير المعطيات إلى أنّ ثلاثة مجالات رئيسية تمثّل أكبر منافذ الهدر “سوق الصرف، الصكوك البنكية، وقطاع المحروقات والطاقة”.
مجموع هذا النزيف يتجاوز عشرات المليارات سنوياً، ما يجعل الظاهرة أقرب إلى “اقتصاد موازٍ” يمتصّ موارد الوطن ويعيق أي إصلاح تنموي حقيقي يخدم الوطن .
- المضاربة على فارق سعر
الدولار: سوق علني حتى ان يجب ان يكون صامت بحجم يفوق 20 مليار دولار سنوياً
- يُتداوَل في السوق الرسمي و الموازي أكثر من 20 مليار دولار سنوياً بين بيع وشراء مصارف و سوق موازي .
- ومع الفارق الكبير بين سعر الصرف الرسمي والسوق السوداء، ترتفع فرص المضاربة إلى ما يقارب 20% من الحجم المتداول.
ذلك يعني أنّ أرباحاً تُقتنص خارج المنظومة المالية الشرعية تقدَّر بنحو:
4 مليارات دولار سنوياً وهي أرباح - لا تخضع للرقابة ولا للضرائب
- تُستخدم في تغذية شبكات وساطة ترفع الضغط على الدينار
- تزيد من نسب التضخم، ما ينعكس مباشرة على أسعار السلع الأساسية والمواد المستوردة.
- “حرق الصكوك” في السوق النقدية: تقدر ب 25 مليار دينار تتبخر سنوياً
يتداول السوق نقداً ما يقارب 120 مليار دينار سنوياً في شكل تعاملات مباشرة، بعيداً عن القنوات البنكية.
وفي ظل شح السيولة ورفض بعض المتعاملين التعامل بالصكوك، تتحول هذه الأخيرة إلى سلعة مضاربية يُخصم منها ما يصل إلى 25% من قيمتها تحت ما يعرف بـ “حرق الصكوك”.
وتشير التقديرات إلى أنّ الخسائر الناتجة عن هذا السلوك تصل إلى:
25 مليار دينار سنوياً
وهو مبلغ يكفي لتغطية برامج دعم اجتماعي واسعة أو لتمويل مشاريع بنية تحتية كبرى.
هذا النوع من المضاربة:
- يعكس أزمة ثقة بين المواطن والمؤسسات المالية،
- ويفاقم خروج السيولة من البنوك.
- يفسد موضفي القطاع المصرفي
- المضاربة في قطاع المحروقات والطاقة:
نزيف يعادل 6 مليارات دولار سنوياً
يبلغ إجمالي الإنفاق السنوي على المحروقات والطاقة بين 12 و14 مليار دولار.
لكن جزءاً كبيراً من هذه الكتلة المالية يُستنزف بسبب:
- فرص التهريب عبر الحدود
- السرقات من شبكات التوزيع
- المضاربة في الأسعار والكميات
وتُقدَّر هذه الخسائر بما يقارب:
6 مليارات دولار (أي حوالي 32 مليار دينار)
ما يعني أنّ المواطن يخسر نصف ما ينفقه تقريباً على هذا القطاع الحيوي، وهو ما يضع ضغطاً كبيراً على الميزانية وعلى فاتورة الدعم.
تقدير إجمالي للنزيف الاقتصادي
عند تجميع الخسائر من المجالات الثلاثة، نصل إلى:
- المضاربة على الدولار: 4 مليارات دولار
- حرق الصكوك: 25 مليار دينار
- المحروقات والطاقة: 6 مليارات دولار (32 مليار دينار)
أي ما يعادل أكثر من 16 مليارات دولار سنوياً او ما يقارب 100 مليار دينار ، وهو رقم يكفي لتمويل: - بناء آلاف المدارس والمستشفيات
- تطوير شبكات النقل والطاقة
- تخفيض الدين العمومي
- تحسين الأجور والقوة الشرائية
إن استمرار هذا الوضع يعني أن الاقتصاد الرسمي بات محاصراً باقتصاد موازٍ حجمه يكاد ينافس ميزانية الحكومة .
الحلول موجودة… لكن القرار يتأخر
وفق بحجة ” توحيد الحكومة ” للاسف ذلك حسب طلب خبراء الاقتصاد ومسؤولين سابقين، فإن الحلول ليست معقّدة كما قد يبدو، وتشمل رغم الاتقسان و الحلول تتمثل في :
- تعصير منظومة الدفع الإلكتروني وإنهاء عصر “الكاش”.
- إصلاح سوق الصرف وتوحيد الأسعار تدريجياً.
- رقمنة قطاع المحروقات من الإنتاج إلى التوزيع لمنع التهريب.
- إعادة الثقة في البنوك عبر تسهيل معاملات الصكوك.
- تعزيز الرقابة الجمركية والمالية بأدوات تكنولوجية.
غير أنّ ما ينقص فعلياً هو الإرادة السياسية للمرور إلى التنفيذ، لأن كلفة التأجيل لم تعد تحتمل.