كتب: الخبير الاقتصادي “ميلاد حويو”
النرويج تعتمد على النفط مثل ليبيا، لكن الفرق في الإدارة:
1. لديهم صندوق سيادي ضخم (أكبر صندوق استثماري في العالم).
كل إيرادات النفط توضع فيه للاستثمار طويل الأمد.
2. المواطن يدفع ضرائب عالية (حتى وهم أغنياء بالنفط!).
لماذا؟ لأنهم يعرفوا أن الضرائب = مشاركة ومحاسبة.
3. الدولة تصرف من العوائد المستدامة للصندوق، وليس من النفط مباشرة.
النتيجة:
اقتصاد متنوع ومستقر.
نظام رفاهية عالي.
شفافية ومحاسبة حقيقية.
كيف نستطيع العيش مثلهم:
لنتحدث عن خطة تدريجية واقعية تطبقها ليبيا؛ إذا أرادت بناء نظام ضريبي ذكي، دون أن تثقل على المواطن ولا تخرب الاقتصاد.
سنقسمها إلى 3 مراحل: قصيرة، متوسطة، وطويلة المدى.
المرحلة الأولى (قصيرة المدى: 1–2 سنة)
الهدف: تنظيم السوق وتأسيس الثقة بين المواطن والدولة.
1. ضرائب رمزية ومحددة جدًا
مثلاً:
ضريبة 5% على السلع الكمالية (سيارات غالية، سلع فخمة، مشروبات مستوردة…)
رسوم خفيفة على الخدمات الأجنبية (تحويلات كبيرة، أو صفقات استيراد ضخمة).
المواطن العادي لن يتأثر، لكن السوق يتنظم والدولة تبدأ تجمع دخل رمزي.
2. رقمنة النظام الضريبي بالكامل
إنشاء منصة إلكترونية (أو تطبيق) موحد، المواطن والشركات يدفعوا من خلاله.
وكل شيء يكون شفاف، يعني “أي حد يقدر يشوف وين تمشي الفلوس!!”.
الهدف ليس الجمع، بل بناء ثقة المواطن والذي سيعرف أن ضرائبه تذهب في مكانها الصحيح.
3. إعفاءات للمشاريع الصغيرة والمتوسطة.
أي شاب يفتح مشروع صغير أو محل أو مزرعة يمنح إعفاء ضريبي 3 سنوات.
الهدف تشجيع الإنتاج المحلي وتقليل البطالة.
المرحلة الثانية (متوسطة المدى: 3–5 سنوات):
الهدف: خلق قاعدة دخل مستقرة وتنويع الاقتصاد
1. تطبيق “ضريبة الشركات”
ضريبة بنسبة خفيفة (من 5% إلى 10%) على الشركات الكبيرة فقط (التي تحقق أرباحا عالية).
الشركات التي تستثمر في الداخل أو تشغّل ليبيين تحصل على تخفيضات.
بهذه الطريقة تشجع الدولة على التوظيف والإنتاج.
2. “ضريبة القيمة المضافة” (VAT) منخفضة
تبدأ بـ 5% فقط على السلع غير الأساسية.
مثلاً: الإلكترونيات، السفر، الكماليات…
ويُستثنى منها الأكل، الدواء، والتعليم.
الهدف منها خلق دخل ثابت، وتنظيم التجارة.
3. إصلاح الدعم:
الدعم لا يلغى، لكن يتحول إلى دعم نقدي مباشر للفئات المحتاجة.
الأموال التي توفرها الدولة من الدعم، تذهب في تحسين الخدمات العامة.
المرحلة الثالثة (طويلة المدى: 5–10 سنوات):
الهدف: بناء اقتصاد مستدام وعدالة مالية
1. تأسيس “صندوق سيادي ليبي”
مثل النرويج، كل أرباح النفط تذهب للصندوق للاستثمار طويل المدى.
الدولة تصرف من عوائد الصندوق، وليس من النفط نفسه.
وبهذه الطريقة، حتى لو انخفض سعر النفط، الدولة تستطيع أن تصرف بأمان.
2. ضرائب عادلة على الدخل العالي فقط:
بعد أن يتحسن الاقتصاد، تستطيع الدولة فرض ضريبة بسيطة على أصحاب الدخل العالي وليس المواطن العادي).
الهدف منها عدالة في توزيع الثروة وليس جمع الأموال.
3. شفافية ومحاسبة:
كل سنة تنشر الدولة تقريرًا مفصلا:
“كم جمعنا من الضرائب؟ أين ذهبت الأموال؟ ما هي المشاريع التي أنجزت بها؟”
وعندما يرى المواطن النتيجة، يبدأ بالشعور بأن الضرائب ليست ظلمًا، بل مشاركة في التنمية.
النتيجة بعد 10 سنين (لو تطبقت الخطة بحكمة):
الدولة يكون لديها دخل متنوع ومستقر.
المواطن لا يتحمل ضغط، بل يستفيد من خدمات أفضل.
تقل البطالة لأن المشاريع المحلية تزيد.
تصبح هناك علاقة جديدة بين المواطن والدولة:
“أنا أساهم وأدفع، لكن أعرف أين تذهب أموالي، وأحاسب الدولة إذا قصرت.”!!