في افتتاح الحوار الليبي في تونس..سعيد: لا مجال للوصاية على الليبيين..والحل يجب أن يكون سلميا
أكد رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيد خلال كلمة ألقاها في افتتاح الحوار السياسي الليبي الذي ينتظم انطلاقا من اليوم الاثنين 9 نوفمبر 2020 في العاصمة التونسية، أن الحل في ليبيا يجب أن يكون سلميا، مشددا على قدرة الليبيين على ذلك، مضيفا أن استعادة سيادة ليبيا هي الحل الحقيقي للأزمة وهي من حق الشعب الليبي.
واعتبر سعيد أن لقاء اليوم يعتبر شرعية جديدةـ مؤكدا أنه لا مجال للوصاية على الليبيين تحت أي شكل من الأشكال، مضيفا أن اللقاء يندرج في إطار جهود تونس والأمم المتحدة لحل الأزمة في ليبيا.
ودعا الرئيس التونسي قيس سعيد إلى وضع مواعيد محددة للانتخابات حتى تخرج إرادة الشعب الليبي من صناديق الاقتراع حرة، بعد جمع الأسلحة حتى لا تبقى هناك قوة مسلحة خارج الشرعية الليبية.
واقترح، خلال كلمته في افتتاح ملتقى الحوار الليبي المنعقد في تونس، اليوم الإثنين، أن لا يترشح مَن سيتولى إدارة المرحلة الانتقالية في ليبيا بالمؤسسات التي ستوضع من خلال الدستور المقبل، سواء للرئاسة أو عضوية المجلس النيابي، قائلاً إن تحقيق هذا الأمر «يمنع توترات طال أمدها».
وانطلق الحوار السياسي الليبي في العاصمة التونسية، صباح اليوم الإثنين، بحضور الرئيس التونسي قيس سعيد، و75 شخصية ليبية، والمبعوثة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بالإنابة ستيفاني وليامز.
وتجرى فعاليات الملتقى وسط إجراءات احترازية للوقاية من فيروس «كورونا المستجد»، فيما يحضر اللقاء عدد من المسؤولين والمهتمين بالشأن الليبي عبر الاتصال المرئي.
وهذا النص الكامل لكلمته:
“مرحبا بكم في تونس.. اجتمعت من أجل السلام.. التقيت السنة الماضية مع عدد من ممثلين القبائل الليبية واليوم يأتي هذا الملتقى في نفس السياق.. الحل لا يمكن أن يكون إلا ليبيا ليبيا وتم العمل خلال أشهر ماضية أن يكون نابعا من إرادة الليبيين والليبيات.
إنها لحظة تاريخية نعيشها اليوم بل وموعد مع التاريخ لا شك ألا أحد ينوي التأخر عنه.. إننا ننطلق بنفس العزيمة الصادقة والإرادة الثابتة في التوصل إلى حل لتجاوز كل العقبات، مهما تعقدت، ولكل الصعوبات مهما اشتدت أو تفرعت ستجدون أيها الإخوة الأعزاء ما يجده الشقيق عند شقيقه من الدعم في ساعة الشدة لأننا نعلم وعلى يقين
ما يفرحكم يفرحنا والدم الذي سال في بلادنا هو دم سال أيضا في بلادنا.. نتقاسم معكم أفراحكم وآلامكم بل نتقاسم الرغيف معا والآمال التي تحدونا لا شك أنها واحدة إننا شعب واحد وأشقاء لن يقدر على شق إخوتنا قوى تعمل على التقسيم ولكن دون جدوى على الفرقة والشقاق.
لقد دفع الشعب الليبي الكثير كما دفع الشعب التونسي إلى جانب أشقائه الكثير، والواجب اليوم يقتضي من الجميع أن يقتنع أن الحل لا يمكن أن يخرج من البنادق ولا من أزيز الرصاص، الحل هو أن يستعيد الشعب الليبي سيادته كاملة في كل ذرة من ترابه، وفي أجواء ليبيا وبحرها، فله وحده حق تقرير مصيره بنفسه.
إن تونس التي كانت دعت إلى حل ليبي – ليبي، منذ سنة تقريبا، فخورة بهذا اللقاء لأنه سيكون تمهيدا لشرعية جديدة نابعة من إرادة الشعب الليبي دون سواه، ولا مجال للوصاية على الشعب الليبي تحت أي عنوان أو شكل من الأشكال.
إن التمسك بالشرعية الدولية يحتمه الإيمان بالقانون، ولكن هذه الشرعية محدودة في الزمن، يجب أن تحل محلها شرعية نابعة من إرادة الليبيين والليبيات وحدهم، ولعله من المفيد في هذا السياق الانتباه إلى القانون الانتخابي الذي ستقومون بوضعه، فأي اختيار يراد منه نتائج محددة قد لا يؤدي إلى الحل المنشود، بل قد يؤدي إلى تعقيد الأوضاع.
أستسمحكم، وأنا واحد منكم، بأن أقترح عليكم أن يلتزم كل من سيقود المرحلة الانتقالية بنص القانون الموقت أو الدستور كما شئتم أن تكون التسمية، أن لا يترشح، من يتولى إدارة المرحلة الانتقالية لا يترشح للمؤسسات التي ستوضع في الدستور القادم، لا للرئاسة ولا عضوية المجلس النيابي، فمثل هذا المنع القانوني يمكن أن يقي الجميع من توترات طال أمدها، ثم لا يستغل أي واحد منصبا أو مسؤولية لخدمة هذا الطرف أو ذاك.
أنتم بطبيعة الحال أحرارا في اختياراتكم، ولكن يجب اختيار ما يمكن من تهدئة الأوضاع، كما أستسمحكم بالتركيز على أن تكون ليبيا موحدة ولا مجال لتقسيمها، البعض يتحدث عن الشرق والغرب ولكن الشعب الليبي واحد، فمثل هذا الخطاب، فضلا عن الخطر الذي يتضمنه بالنسبة إلى ليبيا، قد يكون مقدمة لتقسيم هذا البلد الشقيق، وتونس ترفضه، لأن كل الليبيين والليبيات يجمعون على رفضه، فضلا عن أنه خطر على المنطقة كلها، لأنه سيكون مقدمة مقنعة لتقسيم دول مجاورة أخرى.
ومن أسباب النجاح لهذا الملتقى وليس بالتأكيد أقلها، هو وضع دستور في ليبيا، وهذا ليس بالأمر الصعب، وسنضع كل الإمكانات لتخرجوا بدستور موقت لهذه المرحلة الانتقالية، لتضعوا إثر ذلك الدستور الدائم لليبيا، كما أنه من الضروري تحديد مواعيد محددة للانتخابات، حتى تخرج إرادة الشعب الليبي من صناديق الاقتراع حرة، بعدما تم إسكات الرصاص وجمع الأسلحة؛ حتى لا تبقى أي قوة مسلحة خارج الشرعية الليبية.
إنكم أيها الإخوة الأعزاء والضيوف في موعد مع التاريخ، لصنع التاريخ، فلا تتركوا هذا الموعد يمر، ولا تتركوا الحاضر بآلامه يتواصل ويستمر، فشعبكم بل شعبنا في ليبيا وتونس وفي كل المنطقة يراقب وينتظر.