هوت أسعار النفط الخام في التعاملات حيث وصلت إلى أدنى مستوياتها منذ 2017، مدفوعة بإجراءات عالمية لكبح جماح فيروس “كورونا”، وتوقعات بخفض إضافي للنمو العالمي في 2020.
وكان جيري رايس المتحدث باسم صندوق النقد الدولي، أقر أن تفشي فيروس كورونا عالميا، سيكون له تداعيات سلبية إضافية على الاقتصاد العالمي، مضيفا أن الصندوق سيخفض على الأرجح توقعاته للنمو نتيجة لذلك.
واتخذت غالبية دول العالم، تدابير وقيود سفر وتنقل من وإلى البلدان التي تسجل ارتفاعا في وتيرة الإصابات المؤكدة بالفيروس، المسمى علميا بـ (كوفيد – 19).
و ارتفع عدد الوفيات حول العالم جراء الإصابة بالفيروس، إلى 2860 حالة، منها 2790 وفاة في الصين لوحدها، بينما بلغ إجمالي الإصابات العالمية 83.381 ألف حالة.
وبالتوازي تراجعت العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت تسليم مايو ، بنسبة 2.88 بالمائة أو 1.49 دولارا إلى 50.26 دولارا للبرميل، لتقترب من أدنى تداولات مسجلة منذ منتصف يوليو 2017، بحسب شاشة عرض أسعار النفط التاريخية.
ومن المنظر أن يعقد تحالف (أوبك+) المؤلف من أعضاء المنظمة ومنتجين مستقلين بقيادة روسيا، اجتماعا الأسبوع المقبل، لبحث مصير اتفاق خفض الإنتاج الحالي المنتهي في مارس المقبل، وتبعات انتشار “كورونا” على سوق الخام.
وبدأ التحالف مطلع 2019 تنفيذ اتفاق لخفض إنتاج النفط بواقع 1.2 مليون برميل يوميا، حتى يونيو الماضي، قبل أن يتم تمديده حتى نهاية الربع الأول 2020.
وبلغ النفط الخام أدنى مستوى له خلال عام، بعد أن انخفض بنسبة 20 في المائة، منذ ارتفاعه في شهر يناير، مما يدفعنا للتسائل. لماذا يؤثر انتشار الفيروس بهذه الدرجة في سوق الطاقة العالمي.
لماذا انخفضت أسعار النفط العالمية؟
مع تمديد الإجازة الرسمية للسنة الصينية الجديدة في معظم أنحاء الصين، وفرض قيود على السفر والتنقل، أغلقت المصانع والمكاتب والمحال أبوابها، ويعني هذا أن أكبر مستورد للنفط الخام، الذي يستهلك عادة 14 مليون برميل يوميا، ليس بحاجة لكثير من النفط لتشغيل المصانع، ولتسيير وسائل المواصلات، وللحفاظ على الإنارة.
ويحتمل أن يكون تأثير انتشار الفيروس كبيرا، بوجه خاص، في الطلب على وقود الطائرات، مع تعليق خطوط الطيران العالمية لرحلاتها إلى الصين، كما أن فرض قيود على السفر داخل الصين نفسها يعني تقليل الرحلات.
وأفاد موقع بلومبيرغ هذا الأسبوع بأن الاستهلاك اليومي للصين من النفط الخام انخفض بنسبة 20 في المائة، وهذه نسبة تعادل حاجات بريطانيا وإيطاليا من النفط مجتمعتين.
ونتيجة لذلك خفضت أكبر مصفاة للنفط في آسيا، سينوبيك، التي تملكها الحكومة الصينية، كميات النفط الخام التي تصفيها بحوالي 600000 برميل يوميا، وهذا يساوي نسبة 12 في المائة، وهو أكبر تخفيض لها في أكثر من عشر سنوات.
وقد صدم معدل التخفيض صناعة الطاقة، بحسب ما يقوله محلل النفط فيل فلين، من شركة في شيكاغو: “لم نر من قبل تدهورا مستمرا للطلب بمثل هذا المعدل”.
إن الانخفاض الحاد على طلب النفط عرض من أعراض تقليص النشاط التجاري في الصين، وعلامة من علامات تباطؤ النمو الاقتصادي في البلاد، الذي بلغ مستوى لم يصله منذ ثلاثة عقود.
وقال الاقتصادي الصيني، تشانغ مينغ، الذي يعمل في الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، إن انتشار الفيروس قد يؤدي بالنمو الاقتصادي إلى أقل من 5 في المائة، في الربع الأول من العام.
والصين هي ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وهي محرك رئيسي للنمو الاقتصادي العالمي، في الوقت الذي تكافح فيه الدول النامية لإنعاش نموها. سيتردد صدى أي تأثير سلبي في الصين في أنحاء العالم.
وقالت رئيسة صندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا، هذا الأسبوع إنه من المحتمل أن يبطئ الوباء نمو الاقتصاد العالمي، على المدى القصير، على الأقل. ولكنها حذرت من أن الوقت لا يزال مبكرا للتنبؤ بما سيحدث، وأضافت: “يجب أن نقيّم مدى سرعة التصرف في مكافحة انتشار الفيروس، ومدى فعالية ذلك”.
تفيد تقارير بأن أكبر منتجي النفط في العالم يناقشون اقتراحا بتخفيضات أكبر، لم تحدث منذ عام 2016، لإنعاش الأسعار المنخفضة.
ودعت إيران، العضوة في منظمة أوبك، الاثنين إلى اتخاذ إجراءات لدعم أسعار النفط، بعد ضرب فيروس كورونا للطلب.
وقالت مارغريت يانغ، من أسواق سي إم سي، إن السوق يتوقع تخفيض الإنتاج بـ500.000 برميل يوميا، ولكنها أضافت: “لا نستطيع استبعاد تخفيض أكبر إن ساء الوضع أكثر”.
وكانت أسعار النفط في ارتفاع مع بداية العام، حيث راهن المستثمرون على أن الصفقة التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين في مرحلتها الأولى ستنشط الاقتصاد العالمي. كما ارتفع النفط الخام أيضاً مؤقتاً بسبب تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران.
وبدأت عمليات بيع الطاقة بعد تخفيف التوترات بين الولايات المتحدة وإيران، ما قلل من فرص حدوث انقطاع في الإمدادات في الشرق الأوسط. إلّا أن أسعار النفط، إلى جانب سوق الأوراق المالية، تأثرت بعد ذلك من خطر تفشي فيروس كورونا.
ويشعر المستثمرون بالقلق من أن يضر فيروس كورونا الطلب على وقود الطائرات، إذ أوقفت شركات الطيران الدولية الكبرى بما فيها الطيران الكندي والخطوط الجوية الأمريكية وديلتا والخطوط الجوية البريطانية، جميع الرحلات الجوية من وإلى البر الرئيسي للصين حتى نهاية شهر فبراير أو أكثر. كما أصبحت خطوط شرق الصين الجوية يوم الاثنين أول شركة طيران صينية كبرى تعلق رحلاتها من وإلى الولايات المتحدة الأمريكية.