كتب: الخبير الاقتصادي “عز الدين عاشور”
تعاني ليبيا منذ سنوات من مشكلة عدم استقرار سعر الصرف ووجود سوق موازية (سوداء) تتجاوز أسعارها أحيانًا السعر الرسمي بنسبة 30% أو أكثر. فيما يلي شرح مبسط لأسباب هذه الظاهرة والحلول المقترحة للتغلب عليها.
أولاً: ما هي المشكلة؟
في ليبيا يوجد سعران للدينار مقابل الدولار:
1. السعر الرسمي الذي يحدده المصرف المركزي.
2. السعر في السوق الموازية (السوداء) الذي يتعامل به الناس فعليًا.
الفرق الكبير بينهما يفقد الثقة في الدينار ويخلق حالة من عدم الاستقرار.
ثانياً: لماذا يحدث هذا الفارق الكبير؟
• قلة الثقة في الدينار الليبي: عندما يخشى المواطنون من التضخم أو ضعف الاقتصاد، يلجأون إلى الدولار لحماية أموالهم.
• الاعتماد على النفط فقط: انخفاض عائدات النفط يؤدي إلى نقص الدولار في السوق.
• ضعف التنسيق بين الحكومة والمصرف المركزي: تأخر ضخ العملة الأجنبية عند زيادة الطلب.
• صعوبة الحصول على الدولار بالسعر الرسمي: الإجراءات المعقدة تدفع التجار إلى السوق الموازية.
• تهريب السلع والوقود: فرق السعر بين ليبيا والدول المجاورة يشجع على التهريب.
ثالثاً: كيف تحل المشكلة؟
المرحلة الأولى (قصيرة الأجل – 3 أشهر):
• الإعلان المسبق عن كميات وتوقيت ضخ العملة الأجنبية.
• تسهيل شراء الدولار للتجار والمواطنين لأغراض مشروعة.
• تنسيق مواعيد المصروفات الحكومية مع سياسة المصرف المركزي.
• توضيح الخطة الإعلامية وطمأنة المواطنين.
المرحلة الثانية (متوسطة الأجل – سنة):
• إنشاء سوق رسمية لتبادل العملات بين البنوك.
• توحيد تدريجي لسعر الصرف ليقترب الرسمي من الفعلي.
• تشغيل حساب الخزانة الموحد لتنظيم الإنفاق.
• إصلاح تدريجي لدعم الوقود لتقليل التهريب.
المرحلة الثالثة (طويلة الأجل – من سنة إلى سنتين):
• إنشاء صندوق استقرار لتنعيم أثر تقلبات أسعار النفط.
• تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.
• اعتماد سياسة نقدية حديثة تتحكم في التضخم من خلال ادوات فعالة .
• تعزيز الثقة في الدينار من خلال الشفافية والتنسيق.
رابعاً: ما يجب تجنّبه
• تثبيت السعر بالقوة دون وجود أدوات اقتصادية حقيقية.
• فتح السوق بالكامل دون ضوابط، مما يؤدي إلى قفزات في الأسعار.
• إخفاء المعلومات عن السوق، لأن الشائعات تزيد الاضطراب.
المشكلة في ليبيا ليست في السعر نفسه، بل في طريقة إدارة الاقتصاد ككل. إذا تم ضبط الإنفاق العام، وتحسين التنسيق بين السياسات المالية والنقدية، والتجارية وتسهيل الحصول على الدولار، وتنويع الاقتصاد، فسيستقر سعر الصرف بشكل طبيعي.