Skip to main content
|

“رافع الشاوش” يوضح المحاور الرئيسية للمعالجة الجذرية لأزمة السيولة النقدية في ليبيا

كتب: المهتم بالشأن الاقتصادي “رافع الشاوش”

إن التوسع غير المدروس في القاعدة النقدية يضع النظام المصرفي تحت وطأة ضغوط متزايدة على السيولة النقدية، وهذا الافتراض يظل صحيحًا في حال توافرت بدائل استثمارية للمصارف التجارية تتسم بمخاطر أقل لعائِدٍ مقبول، لكن عند التمعن في واقع المحافظ الائتمانية، نجد أن حجم القروض المتعثرة قد تجاوز 50% من إجمالي محفظة الائتمان مما يُعكس بيئة مخاطرة عالية وفساد كبير بالمصارف التجارية.

وللأسف، يُعزى جانب كبير من هذا التضخم في القاعدة النقدية إلى تمويل العجز في الموازنة العامة ، مما أدى إلى تضخم الدين العام، كما أسهمت ممارسات أخرى في تفاقم المشكلة، أبرزها عملية خلق النقود من خلال ما يُعرف بنظام التغطية الوهمية، حيث يتم إصدار اعتمادات بمبالغ طائلة من خلال تدوير صكوك غير مغطاه فعليا.

أضف إلى ذلك، فإن الحجم الهائل للطلب الاستهلاكي، الذي يُقدر بمتوسط 2000 دينار شهريًا لكل موظف من إجمالي قوة عاملة تبلغ مليوني موظف، يعني تدفقًا نقديًا يصل إلى 4 مليارات دينار شهريًا. وبتراكم هذا المبلغ على مدار العام، تصل الحاجة إلى سيولة نقدية (كاش) لا تقل عن 50 مليار دينار سنويًا.

ويرجع سبب هذه الظاهرة إلى العجز الشديد في البنية التحتية للخدمات الإلكترونية والدفع الإلكتروني عن مجاراة حجم النشاط الاقتصادي، وكل هذه التحديات تنبع من ضعف الغطاء القيمي للعملة المحلية، حيث إن 40 مليار دينار لا تعادل سوى حوالي 6 مليارات دولار أمريكي فقط، في حين كانت نفس الـ 6 مليارات دولار تُعادل قرابة 7 مليارات دينار في السابق، وهي قيمة لا تتطلب كتلة نقدية ورقية بهذا الحجم الضخم.

وللأمانة، فإنه ما لم يتم المعالجة الجذرية من خلال ثلاثة محاور رئيسية ضمن خطة استراتيجية مدروسة، فلن يتم حل إشكالية السيولة. وتتمثل هذه المحاور في:

  1. تعزيز حوكمة المصارف : حيث يتعين على البنك المركزي التخلي عن سياسة التدخل المباشر في شؤون المصارف التجارية، والعمل بدلاً من ذلك على تمكين مجالس إداراتها لتصبح شريكًا فاعلاً في عملية اتخاذ القرار، ويمكن تحقيق ذلك من خلال إصدار لائحة تنظيمية شاملة من البنك المركزي الليبي، تُغطي كافة الجوانب، بما في ذلك برامج التدريب والتطوير، وآليات المشاركة في القرارات الاستراتيجية، وتشكيل اللجان المتخصصة.
  2. تحديد المهام والصلاحيات يتوجب على السيد ناجي العامل محافظ البنك المركزي، التخلي عن سياسة “الصديق الكبير” وتجاوز الدور المنوط به، والالتزام بالحدود الوظيفية الدقيقة والمحددة سلفًا لمحافظ البنك المركزي، والامتناع عن تجاوزها وكذلك ان يمنح دور اوسع لمجلس ادارة المركزي ولا يسلب دورهم ويشكل اللجان الضرورية.
  3. خفض حجم القاعدة النقدية: من خلال حزمة من الإجراءات، مثل منح المصارف صلاحيات أوسع في مجالي الائتمان وبيع العملة الصعبة نقدًا، والتعامل بمنتجات التمويل الإسلامي كالمرابحة، ويجب أن يرافق هذا التوسع تعزيز كفاءة و إدارة الرقابة على المصارف وتطوير دليل حوكمة ورقابة مصرفية رصين لضمان عدم إساءة استخدام هذه الصلاحيات الموسعة.
  4. تطوير نظام المدفوعات الوطني: والتركيز بشكل خاص على تعميم وسائل الدفع الإلكتروني وتطوير التجارة الإلكترونية للحد من الاعتماد على المعاملات النقدية المباشرة.

مشاركة الخبر