اعتبر الخبير النفطي محمد أحمد في تصريح لتبادل أن أي خطة لإصلاح أو إلغاء الدعم على المحروقات يجب تأخذ في اعتبارها ثلاث قضايا رئيسية من ناحية اقتصادية.
وأوضح الخبير أن القضية الأولى هي عدم احداث أي انعكاس قاس على مستلمي الدعم سواء كانوا من المستهلكين أو المنتجين، أما القضية الثانية فهي تأثير رفع الدعم على نموذج توزيع الثروة في المجتمع وعدم احداث أي آثار سلبية تزيد الفجوة بين طبقات المجتمع.
أما القضية الثالثة فهي مدى توفير البدائل الاقتصادية المنافسة لمنع الارتدادات السلبية على الاقتصاد والصناعة الوطنية.
وأضاف أنه بالنسبة للقضية الأولى فإنه على الإدارة الحكومية التي تخطط لعملية إصلاح أو إلغاء الدعم أن تدرس عاملا هاما هو العلاقة بين سعر الوقود والطلب عليه من خلال تحديد ما يسمى اقتصاديا بمرونة السعر، مشيرا إلى أن رفع أو ارتفاع سعر السلع قليلة المرونة يقود بالطبيعة إلى افقار المستهلك وانخفاض مستوى معيشته حيث سيضطر إلى تخفيض استهلاكه من سلع أخرى ليبقي مستوى استهلاكه ثابتا من السلعة قليلة المرونة السعرية.
واستشهد الخبير بالولايات المتحدة الامريكية التي تحدد أن المرونة السعرية لاستهلاك بنزين السيارات هي -0.3، مضيفا أنه في ظل عدم وجود دراسة عن مرونة سعر بنزين السيارات في ليبيا يمكن أن نأخذ مقياس الولايات المتحدة كبديل إشاري على وضعنا الليبي، والذي توقع أن يكون أقل مرونة، خالصا أن ذلك يعني أن رفع سعر بنزين السيارات إلى 1.1 دينار كما هو وارد في التسريبات عن خطط تعديل الأسعار، فأن استهلاك الفرد الأسبوعي المقدر بـ 30 لتر سينخفض بـمعدل 2.2 لتر أسبوعيا والقيمة المعدلة الجديدة للاستهلاك التي ستصل إلى 27.8 لتر أسبوعيا ستساوي 30.58 دينار أسبوعيا، أي أن فاتورة بنزين السيارات لعائلة ليبية ستصل إلى 122 دينار ليبي شهريا، مؤكدا أن هذا فقط ما يتعلق ببنزين السيارات وليس بالكهرباء التي مصدر وقودها الديزل أو الغاز الطبيعي.
وأكد محمد أحمد أن السعر المقترح سينعكس بقسوة على مستهلكي الوقود وسيسبب نوعا من الاضطراب الاستهلاكي الذي سينعكس بدوره على المسار التنموي ومستوى رفاهية الفرد في المجتمع، مرجحا أن يمتلك صناع القرار رؤية أوضح معتبرا أن ما تم تقديمه من تبريرات للجمهور للسعر الجديد بطريقة الإلغاء الكامل للدعم لا تكفي.
أما على مستوى أثر الدعم على نموذج توزيع الثروة وتجنب احداث زيادة الفجوة الاقتصادية بين طبقات المجتمع، فاعتبر الخبير أن الإلغاء الكامل لدعم المحروقات المقترح خصوصا في المجال الصناعي سيكشف قطاعات اقتصادية محلية في الزراعة والصناعات الصغيرة والمتوسطة وخدمات النقل إلى المنافسة الدولية فجأة، وبينما سيتفيد قطاع صغير من الموردين من هذا التوجه، مشيرا إلى فقدان الكثير من العمالة الوطنية لجزء كبير من دخلها مما سيبعدها عن خط المنتصف في توزيع الثروة، خصوصا في المناطق الريفية والبعيدة عن المراكز العمرانية الكبيرة، خالصا أنه هنا ننتظر رأي الدولة في كيفية تجاوز هذا المنحنى.