خاص..الخبير الاقتصادي “نور الدين الحبارات”: الطلبة الدارسين بالخارج ضحية جدال “الدبيبة” و”الكبير”
علق الخبير الاقتصادي “نور الدين الحبارات” في تصريح خص به منصة “تبادل” اليوم السبت، حول الجدل القائم بين رئيس حكومة الوحدة الوطنية “عبد الحميد الدبيبة” ومحافظ مصرف ليبيا المركزي “الصديق الكبير”، بشأن منح الطلبة الدارسين بالخارج و سبل إنهائه، بأنه تزايد مؤخراً الخلاف بشأن منح الطلبة التي تأخر صرفها لأشهر رغم جاهزيتها منذ نهاية أبريل الماضي و ذلك نتيجة رفضها من قبل الأخير بسبب عدم إخضاع قيمة المنحة للضريبة المفروضة بموجب قرار السيد رئيس مجلس النواب رقم ( 15) لسنة 2024، بشأن فرض ضريبة بنسبة %27 على مبيعات النقد الأجنبي لكافة الأغراض.
وقال “الحبارات” بأن حكومة الوحدة أصرت على عدم إخضاع قيمة المنحة للضريبة المشار إليها وذلك بحجة صدور أحكام قضائية من عدة محاكم تقضي ببطلان الضريبة ، كما ترى إن من شأن ذلك أن يفاقم الأعباء المالية على كاهل خزانة الدولة المتفاقمة أصلاً، مضيفاً بأنه لازال اليوم كل من الطرفين متمسكين بموقفهما و “الطلبة هم ضحية ذلك الجدل أو الخلاف”.
وأوضح “الحبارات” الجدل أو الخلاف في الحقيقة لا تنحصر أثاره و تداعياته في مسألة منح الطلبة فهي قيمة بسيطة و من الممكن جداً تجاوزها بل ستمتد إلى أبعد من ذلك لأنها ستطال فاتورة دعم المحروقات و التوريدات الحكومية التي تتم بموجب إعتمادات مستندية كالمتعلقة بقطاعات النفط و الكهرباء و الخارجية ، الصحة ، الأمن ، الدفاع ، الصناعات ، المواصلات بالإضافة إلى مشروعات النهر و المياه و الصرف الصحي و غيرها ، و من ثمة فإن المشكل ليس بالهين كما قد يعتقد البعض .
وتابع “الحبارات” حديثة بالقول بأن السؤال الذي يطرح نفسه هو ، كيف كان تعاطي الحكومة و منذ تاريخ فرض الضريبة مع تكلفة فاتورة دعم المحروقات التي تتم بالمقايضة مع مبيعات النفط ، حيث قيمة هذه المبيعات لا تورد إلى حسابات الحكومة لدى المركزي ؟ و كيف كان تعاطيها مع تكلفة التوريدات الحكومية المشار إليها ؟ و كيف كان تعاطيها مع فاتورة العلاج بالخارج و مع الأموال المخصصة للمؤسسة الوطنية للنفط و قيمة حصة أو أرباح الشريك الأجنبي ؟أي هل يتم إخضاع كل تلك التكاليف إلى الضريبة المذكورة و المحددة بنسبة %27 ؟.
وأضاف “الحبارات” بإن الإجابة عن تلك الأسئلة مهمة للغاية ، فإذا كانت بنعم فإن مبررات الحكومة تبدو غير ذي أهمية بالمرة لإن تكلفة فاتورة دعم المحروقات الموردة من الخارج كبيرة جداً ، فاذا كانت هذه الفاتورة قد قاربت من 8.900 مليار دولار في العام 2022 م أي ما يعادل 42،900 مليار ( سعر صرف 4.82 ) و ذلك وفق ما كشفه تقرير ديوان المحاسبة، موضحاً بأن قيمة هذه الفاتورة بعد الضريبة أي على سعر 6.15 تناهز تقريباً 54.700 مليار دينار و بزيادة تصل إلى 11.800 مليار دينار و بما نسبته %27 و هذه زيادة كبيرة جداً و تشكل عبء إضافي على خزانة الدولة .
وبين الخبير الاقتصادي، بأنه إذا كانت قيمة الإعتمادات المستندية الحكومية بلغت حصيلتها خلال العام 2023 م وفق لبيان المركزي ما قيمته 5،374 مليار دولار أي ما يعادل 25.900 مليار دينار ( سعر صرف 4.82 ) و ذلك بعد إستببعاد قيمة بند ( إلتزامات سابقة ) الذي يكتنفه الغموض ، فإن حصيلة هذه الإعتمادات على سعر 4.82 زايد الضريبة تقدر ب 33،000 مليار دينار أي بزيادة قدرها 7،100 مليار دينار و بما نسبتها %27 تقريباً، في حين بلغت قيمة منح الطلبة الدارسين بالخارج خلال العام 2023 م وفق لبيان المركزي ما قيمته 102 مليون دولار و بما يعادل 492 مليون دينار ( سعر صرف 4.82 ) حيث تقدر قيمة هذه المنح بعد الضريبة ما قيمته 627 مليون دينار و بزيادة قدرها 135 مليون دينار و بما نسبته %27 .
وأكد “الحبارات” حسب تعليقه لتبادل بأنه لا توجد أي مقارنة بين الزيادة في قيمة فاتورة دعم المحروقات الموردة من الخارج و قيمة التوريدات الحكومية بسبب الضريبة التي تقدر إجماليها ب 19 مليار دينار مقارنة بالزيادة في قيمة منح الطلبة التي تقدر ب 135 مليون دينار فقط للسبب نفسه، أما إذا كانت الإجابة ب لا أي الحكومة لم تتعاطى مع الضريبة منذ إقرارها في فبراير الماضي و هذا إحتمال وارد جداً.
وتابع “الحبارات” حديثه بالقول إن فاتورة دعم المحروقات لم تعد تخصم من حسابات الحكومة لدى المركزي و لم تقيد و تثبت في دفاترها بسبب ألية المقايضة المخالفة للقوانين و التشريعات المالية النافذة و لأسس قواعد و مبادئ الميزانية العامة ، كما يدو إن التوريدات الحكومية متوقفة في ظل تأخر إعتماد الميزانية و إقتصار الإنفاق العام على بابي المرتبات و الدعم ( الدعم دون دعم المحروقات ) كم إن مرتبات العاملين و منح الطلبة الدارسين بالخارج عن النصف الأول من هذا العام يبدو إنها لم تدفع بعد .
وأضاف “الحبارات” بأنه إذا ما كان الأمر كذلك فإن مبررات الحكومة تبدو لنا منطقية لإن ذلك سيؤدي إلى إرتفاع وتيرة الإنفاق العام و تزايده بنسب تصل إلى %27 أو أكثر ما سيفاقم من تردي الوضع الإقتصادي المتردي أصلاً و يزيد الأعباء المالية على كاهل المواطنين جراء إرتفاع معدلات التضخم و المزيد من التأكل للقدرة الشرائية للدينار و لمرتبات و دخول المواطنين و مدخراتهم .
وأشار “الحبارات” بأن في حين يبقى تمسك الحكومة بأحكام القضاء بشأن بطلان الضريبة غير ممكن في ظل الظروف الراهنة بإعتبار المشكل إقتصادي بإمتياز و ليس قانوني و الحكومة تدرك ذلك جيداً ، حيث بطلانها لن يترك أمام المركزي أي خيار أخر عدا إعادة فرضه لقيود على إستخدامات النقد الأجنبي تشمل إيقاف منظومة الأغراض الشخصية و تقليص الإعتمادات المستندية إلى الحد الأدنى بإقتصارها على السلع و المواد الاساسية من غذاء و دواء و وقود و مواد خام، وذلك بهدف الحد من الضغوطات على ميزان المدفوعات و رصيد الإحتياطي الأجنبي ما سيؤدي إلى إرتفاع سعر الدولار في السوق الموازي والذي سيؤدي بدوره لمزيد الإرتفاع في معدلات التضخم و الضغوطات أكثر على السيولة وتفاقم لمعاناة المواطنين.
وعليه و بناء على ما تقدم، و بما إن مقترح المركزي بشأن فرض الضريبة المقدم للسيد رئيس مجلس النواب في فبراير الماضي قد أستثنى كافة القطاعات السيادية و الخدمية الممولة من الميزانية من عبء الضريبة على أن يقتصر سريانها على القطاع الخاص و الجهات الحكومية الغير ممولة من الميزانية العامة كالشركات العامة و غيرها و إن المركزي بإقتراحه هذا يدرك مدى أهمية هذا الإسثتناء و ذلك للأسباب السالفة الذكر، و حيث أن قرار السيد رئيس مجلس النواب رقم 15 لسنة 2024، تجاوز مقترح المركزي و ذلك بفرضه للضريبة على كافة الأغراض بما فيها الأغراض المتعلقة بالجهات الحكومية الممولة من الميزانية العامة دون النظر للأثار و التداعيات السيئة التي سيخلفها على خزانة الدولة و على أوضاعها الإقتصادية .
واختتم الخبير الاقتصادي “نورالدين الحبارات” حديثه بالقول: “المخرج في رائي يتمثل في مخاطبة الحكومة للمركزي بمذكرة توضيحية تحليلية تفصيلية بالارقام و البيانات تبين فيها أثار و تداعيات فرض الضريبة على كافة الأغراض على المالية العامة للدولة ( مصروفاتها و إيراداتها ) و على ميزان مدفوعاتها و على الاقتصاد بشكل عام و تطالبه فيها بإستثناء كافة الجهات الممولة من الميزانية العامة من عبء الضريبة و ذلك وفق ما جاء بمقترحه الذي يتطلب منه بدوره ( المركزي ) إحالة مقترح الحكومة للسيد رئيس مجلس النواب لإجراء التعديل أو الإستثناء اللازم بالخصوص و بما يضع حد أو نهاية لهذا الجدل أو الخلاف القائم”.