Skip to main content
|

“حلمي القماطي”: أزمة السيولة في ليبيا هي نتيجة لاختلال هيكلي في توزيع القاعدة النقدية وليس في حجمها الكلي

كتب: د. حلمي القماطي – أستاذ الاقتصاد

تشير البيانات الربع سنوية الصادرة عن مصرف ليبيا المركزي حتى 30 يونيو 2025 إلى أن أزمة نقص السيولة النقدية في المصارف التجارية ليست ناتجة عن ندرة في إجمالي العرض النقدي، بل عن اختلال هيكلي في مكونات القاعدة النقدية (Currency with Public + Bank Reserves)، أي في توزيع السيولة بين الجمهور والمصارف والبنك المركزي.

منذ عام 2014، لوحظ تراجع متواصل في نسبة العملة المتداولة إلى إجمالي احتياطيات المصارف لدى المركزي (C/R)، حيث انخفضت من مستويات تجاوزت (1.4 : 1) إلى أقل من (0.8 : 1) خلال عام 2025. هذا التراجع تزامن مع:

• رفع نسبة الاحتياطي القانوني من 20% إلى 30%
• وزيادة حجم الودائع الإضافية لدى المركزي، لتصل إلى إجمالي يقارب 50% من ودائع المصارف.

هذه التطورات أدت إلى انكماش فعلي في السيولة المتاحة داخل النظام المصرفي، رغم بقاء إجمالي القاعدة النقدية شبه ثابت، نتيجة انتقال جزء كبير من السيولة من التداول إلى حسابات مجمدة داخل المصرف المركزي.

عمليًا، سحب الفئات النقدية (1، 5، 20، 50 دينارًا) وإعادة إصدار عملة بديلة بقيمة أقل (25 مليار مقابل 47 مليار مسحوبة) خفّض القاعدة النقدية بنحو 22 مليار دينار. ووفقًا لحسابات المضاعف النقدي فقد انخفض عرض النقود بمقدار يقارب 23.3 مليار دينار، نتيجة الانكماش في B وارتفاع rr.

وبناءً على هذه المؤشرات، فإن نقص السيولة بالمصارف يرجع إلى:

1. ارتفاع متطلبات الاحتياطي القانوني والإضافي (احتجاز نقدي داخل المركزي).
2. انخفاض نسبة العملة المتداولة إلى الاحتياطي لما دون (1.1)، ما قيّد تدفق النقد للسوق.
3. خلل في إدارة عملية سحب وإعادة إصدار العملة دون توازن بين حجم السحب والضخ.

ويتوقع أن ضخ عملة إضافية بقيمة 14 مليار دينار قبل نهاية 2025، و21 مليار خلال الربع الأول 2026، سيرفع النسبة إلى نحو (1.6 : 1)، وهو ما يُرجّح أن يعيد التوازن إلى القاعدة النقدية ويُخفف أزمة السيولة تدريجيًا.

من الأخير أزمة السيولة في ليبيا هي نتيجة لاختلال هيكلي في توزيع القاعدة النقدية وليس في حجمها الكلي، إذ أدى تراكم الاحتياطيات لدى المصرف المركزي مقابل تراجع العملة المتداولة إلى تقليص السيولة الفعلية المتاحة للجمهور. وبالتالي، فإن إعادة هيكلة مكونات القاعدة النقدية وضبط نسب الاحتياطي القانوني والاختياري تمثل المفتاح الأساسي لاستعادة الاستقرار النقدي وتحسين كفاءة السياسة النقدية.

مشاركة الخبر