Skip to main content
|

“أبوسيف اغنيه” يكتب: التجارب الحديثة في الصكوك السيادية وإمكانية الاستفادة منها في ليبيا

كتب: د. أبوسيف الزروق اغنيه / الخبير الدولي في الاقتصاد والتمويل الإسلامي

في خطوة غير مسبوقة على مستوى سوق الدين المحلي، أطلقت مصر أخيرا أول إصدار من الصكوك السيادية بالجنيه المصري بقيمة 3 مليارات جنيه، وبأجل ثلاث سنوات، وبعائد تنافسي بلغ أكثر من 20%.

وقد شهد الطرح إقبالًا كبيرًا من المستثمرين المحليين والدوليين، حيث تجاوزت التغطية في الطرح الأول خمسة أضعاف القيمة المطروحة، مما يعكس ثقة عالية في أدوات التمويل الإسلامي كبديل مرن ومستدام للديون التقليدية.

تأتي هذه الخطوة في إطار سعي الحكومة المصرية لتنويع أدوات التمويل وتعزيز جاذبية السوق المالية وخفض تكلفة الدين العام، عبر آلية تعتمد على المشاركة لا الاقتراض، والاستثمار لا الاستدانة، وهي فلسفة تمويلية تتقاطع مع جوهر فكرة التمويل الجماعي (CrowdFunding) الحديثة.

تموذج يمكن أن يلهم ليبيا

تُعد تجربة الصكوك نموذجًا يمكن لليبيا الاستفادة منه في مسار تطوير أدوات التمويل الوطني، خصوصًا في ظل التحديات التي تواجه الاقتصاد الليبي وتراجع الاعتماد على التمويل الحكومي التقليدي.

فمن خلال تفعيل التمويل الجماعي المنظم، يمكن فتح الباب أمام المواطنين والقطاع الخاص للمشاركة في تمويل مشاريع البنية التحتية والزراعة والصناعة والطاقة وريادة الأعمال، بما يخلق حركة اقتصادية حقيقية ويُعزز روح المشاركة الوطنية في التنمية.

إن التمويل الجماعي لا يقوم فقط على جمع الأموال، بل على توسيع قاعدة الممولين والمستفيدين، وتحفيز المدخرات المحلية، وتفعيل دور المصارف والمؤسسات الاستثمارية في دعم المبادرات الإنتاجية، وإذا ما تم تنظيمه عبر إطار تشريعي ومصرفي واضح، فإنه قد يشكل أحد أهم ركائز الاقتصاد الإسلامي او التشاركي الحديث في ليبيا.

من الحديث إلى التطبيق

كنت قد أشرتُ في مداخلتي بندوة مصرف ليبيا المركزي الأخيرة حول الاستثمار إلى ضرورة أن تتجه ليبيا نحو ابتكار أدوات تمويلية غير تقليدية، على رأسها التمويل الجماعي، بوصفه وسيلة فعالة لتعبئة الموارد المحلية وتوجيهها نحو مشاريع حقيقية بدلًا من الركون إلى الحلول قصيرة الأمد.

ففي الوقت الذي تتسابق فيه دول الجوار على تحديث أدواتها المالية، بات من الضروري أن تفتح ليبيا نافذة إصلاحية جديدة في مجال التمويل والتنمية، وتستفيد من التجارب الإقليمية الناجحة، وتُترجمها إلى واقع اقتصادي مبتكرة وطريقة تنموية فعالة من شأنها أن تلامس تطلعات الشباب ورواد الأعمال والمستثمرين المحليين وتضيف عنصرًا فعالا للتنمية المستدامة.

مشاركة الخبر